الملك الراحل الحسين بن طلال
يفتتح أول مصنع أدوية في الأردن
كان أجدادنا وآباؤنا يتعالجون بالأعشاب كالبابونج والشيح والميرمية والزعتر والقيسوم وغيرها من الأعشاب يصفها أصحاب خبرة كانوا يعرفون بالعطـَّـارين ، وعندما بدأ بعض الشباب يتخرَّجون من كليات الصيدلة في جامعات دمشق أو بيروت أو القاهرة كانت دائرة الصحة في الإمارة الأردنية الناشئة تشترط عليهم عند منحهم تصاريح لمزاولة مهنة الصيدلة أن يفتحوا صيدلياتهم في أماكن تحدِّدها الدائرة حسب حاجة الأهالي.
وعرف من أوائل الصيادلة في بدايات تأسيس الإمارة الأردنية في عمـَّـان الصيدلي آغوب جاغجيان والصيدلي محمود عزت تحسين والصيدلي ظافر الشهابي والصيدلي سيد غنيمي دعبس ، وفي السلط الصيدلي نجيب القبيسي ، وفي إربد عمر فائق الشلبي ، ولم تكن الأدوية الجاهزة المصنـَّـعة متوفرة آنذاك ، فكان الصيدلي يقوم في مختبره الخاص في صيدليته بتحضـيـر الأدوية حسب الوصفة التي يكتبها الطبيب ، وفي عقود الأربعينيات والخمسينيات بدأ الجيل الثاني من الصيادلة مثل عبد الرحيم جردانة وراضي الشخشير وسليم الصبـَّـاغ وعبد الحليم بدران وغيرهم يستوردون بعض الأدوية الجاهزة المصنـَّـعة وفي نفس الوقت استمروا في تحضير بعض الأدوية في مختبرات صيدلياتهم.
وبقيت صيدليات الأردن تعتمد على الدواء الجاهز المستورد الذي تصنعه شركات أدوية أجنبية إلى 15/6/1966م عندما افتتح الملك الراحل الحسين بن طلال أول مصنع للأدوية في الأردن ليكون أول لبنة في بناء صرح صناعة الدواء الأردني التي أصبحت تحاكي في نوعيتها وتطورها ومواصفاتها أرقى متطلبات صناعة الدواء العالمية .
وعن قصة تأسيس أول مصنع أدوية أردنية أجرت مجلة ( علوم الصيدلة ) وهي المجلة الوحيدة في الأردن المتخصصة في علوم وصناعة الصيدلة والدواء في عددها الصادر في كانون الثاني 2007 م لقاءا مع نقيب الصيادلة الأسبق الدكتور الصيدلاني تيسير الحمصي المتخرج من جامعة دمشق في عام 1953 م ذكر فيه أن خمسة من الصيادلة الأردنيين الشباب الذين يتمتعون بطموح أقرب إلى التحدي وهم أمين شقير ( نقيب الصيادلة1957 ـ 1959 ، 1977 ـ 1981 ) وراضي الشخشير ( والد نقيب الصيادلة الدكتور الصيدلاني طاهر الشخشير 2000 ـ 2002 ، 2006 ـ 2010 ) وحمدي الساكت وأنيس المعشر وتيسير الحمصي ( نقيب الصيادلة 1987 ـ 1991 ) تصدَّوا لتحقيق حلم كبير كان يراود صيادلة الأردن فقاموا بتأسيس أول شركة أردنية لصناعة الدواء في عام 1962 م أطلقوا عليها بدافع من خلفيتهم العروبية إسم ” الشركة العربية لصناعة الأدوية ” وبهدف ضمِّ مساهمين من كافة أقطار الوطن العربي ، وقد وصلت مساهماتهم إلى حوالي 20% .
ويذكر د . تيسير الحمصي أنه أثناء تواجد مجموعة من الصيادلة الاردنيين في القاهرة لحضور مؤتمر الجمعية الصيدلية المصرية تم الاتصال مع د. صبحي الطيبي ليعمل مديرا للمصنع ، حيث كان يعمل في شركة ممفيس المصرية لصناعة الأدوية فوافق على العمل واستلم المسؤولية وكان راتبه 150 دينار مع توفير السكن في عمان وسيارة ، ويستذكر الدكتور الحمصي الجهود الحكيمة والمخلصة التي بذلتها قيادة أول مصنع للدواء الأردني وخاصة رئيس مجلس إدارتها الصيدلاني أمين شقير ونائب الرئيس الحاج الصيدلاني راضي الشخشير .
ويذكر د . الحمصي أن الملك الراحل الحسين بن طلال تفضل بافتتاح المصنع في 15/6/1966م معلنا بدء الإنتاج الفعلي لهذا المصنع وانتقال المملكة الأردنية الهاشمية إلى عالم صناعة الدواء ، ويذكر أن رئيس الوزراء آنذاك الرئيس وصفي التل قدَّم دعماً غير محدود للشركة ومن ذلك تأمين إيصال الكهرباء إلى المصنع .
