داء باركنسون قد يبدأ في الأمعاء، لا في الدماغ!

Beoryx eyelashes
Befresh

داء باركنسون قد يبدأ في الأمعاء، لا في الدماغ!

قد يكون فهمنا السابق لداء باركنسون خاطئًا طوال هذا الوقت

دراسة جديدة تضاف إلى قائمة الدراسات التي تدعم أننا كنا نفكر بداء باركنسون Parkinson’s disease تفكيرًا خاطئًا طوال هذا الوقت.

بدلًا من أن يكون داء باركنسون مقتصرًا على الدماغ، تشير الدلائل الجديدة في الأبحاث المجراة على الفئران، أن هذا المرض قد يبدأ في واقع الأمر في الأمعاء. وقد يفسر ذلك بعض المصادفات الغريبة التي تحدث في هذا المرض، ومنها أن المصابين بداء باركنسون يعانون من الإمساك لما يصل إلى عشر سنوات قبل أن تبدأ الأعراض الأخرى بالظهور.

يترافق داء باركنسون في العادة مع الرعاش tremor والتيبس stiffness، وصعوبة الحركة التي يكون سببها موت الخلايا الدماغية الموجودة في المناطق العميقة من الدماغ. ومع أن هناك علاجات وظيفتها إبطاء تقدم المرض، إلا أنه لا توجد طريقة لمنع المرض أو علاجه، ولا يزال فهم الباحثين قاصرًا حول أسباب المرض وطريقة تقدمه. ظل الباحثون -في بحثهم عن أسباب داء باركنسون- محصورين في الدماغ، ولكن عددًا متزايدًا من الأدلة يشير إلى أن هذه الطريقة في البحث قد تكون طريقة خاطئة.

قد يبدأ داء باركنسون في الأمعاء قبل أن ينتشر إلى الدماغ، وقد يفسر ذلك بعض المصادفات الغريبة التي يراها الباحثون عند المصابين بالمرض. فمثلًا، لاحظ الباحثون أن المصابين بداء باركنسون غالبًا ما يذكرون أنهم مصابون بالإمساك، وكذلك بعض المشاكل في الأكل، وقد تصل فترة وجود هذه الأعراض إلى 10 سنوات قبل أن يلاحظ المصابون الرعاش. كما أن هناك دلائل على أن المصابين بداء باركنسون تكون بكتيريا الأمعاء عندهم مختلفةً عن غيرهم من البالغين الأصحاء.

والآن تشير دراسة جديدة أجريت على الفئران، أن الألياف السامة التي تنبني حول الخلايا العصبية عند المصابين بداء باركنسون قد تؤثر على الأعصاب الموجودة في الدماغ خلال أسابيع فقط. وبهذا الصدد، يقول قائد البحث ساركيس مازمانيان من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا: “اكتشفنا للمرة الأولى رابطًا حيويًا بين مجموعة البكتيريا في الأمعاء وبين داء باركنسون. بشكل عام، فإن هذا البحث يبين أن الأمراض العصبية التنكسية قد تكون لها أصول في الأمعاء، وليس في الدماغ فقط كما كانت الفكرة السائدة”. وصل الباحثون إلى هذه النتيجة عن طريق بحثهم في انتشار الألياف السامة المصنوعة من مادة تسمى “ألفا-ساينوسلين”، وهو مركب صغير وقابل للذوبان في الخلايا العصبية السليمة، ولكن ولسببٍ ما، تتكتل جزيئات الألفا-ساينوسلين مع بعضها لتكون أليافًا تدمر الأعصاب الموجودة في الدماغ.

قبل ما يقرب العقد من الزمن، بدأ الباحثون بنشر تقارير عن أن المرضى الذين يمتلكون هذه الألياف في أدمغتهم، فإنهم يمتلكونها أيضًا في أمعائهم. أما في هذه الدراسة الأخيرة، فقد نظر باحثو معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا إلى الفئران التي عُدِّلت جينيًا بحيث تصير عرضةً للإصابة بداء باركنسون عن طريق الإفراط في إنتاج ألياف الألفا-ساينوسلين. رُبِّيت هذه الفئران إما في أقفاص عادية غير معقمة، أو في أقفاص معقمة خالية من الجراثيم.

حيث أن الفئران التي ربيت في الأقفاص الخالية من الجراثيم فقد أظهرت اعتلالات حركية أقل، وكمية أقل من الألياف السامة في أدمغتها. أما الفئران التي ربيت في البيئات غير المعقمة، فقد أصيبت بأعراض داء باركنسون كما هو متوقع بناءً على الاستعداد الجيني لديها كما أسلفنا.

كان العلاج بالمضادات الحيوية قادرًا على التقليل من هذه الأعراض في الفئران المرباة في البيئة غير المعقمة، ما يشير إلى أن هناك شيئًا ما في مجموعة البكتيريا المعوية لديهم بحيث كان يزيد من حدة الأعراض. وفي النهاية، حقن الفريق بكتيريا معوية من أشخاص مصابين بداء باركنسون في الفئران المرباة في بيئة خالية من  الجراثيم، وتحولت الفئران من فئران لا تكاد تبدو عليها أي أعراض إلى فئران تتدهور حالتها بسرعة.

أما البكتيريا المعوية التي أخذت من البشر السليمين فلم تُظهر هذا الأثر. قال أحد أعضاء الفريق، تيموثي سامبسون Timothy Sampson: “كانت هذه لحظة (وجدتُها)، فقد كانت الفئران متطابقة جينيًا، وكان الفرق الوحيد بينها هو وجود البكتيريا المعوية أو عدم وجودها، ونحن الآن واثقون جدًا أن البكتيريا المعوية تتحكم في، أو ربما تكون ضرورية لنشوء أعراض داء باركنسون”.

يعتقد العلماء أن بكتيريا الأمعاء قد تفرز بعض المواد الكيميائية التي تتسبب في زيادة تنشيط أجزاء معينة في الدماغ، بحيث تقود إلى إحداث الضرر فيه. هناك حاجة للكثير من الأبحاث قبل أن نحدد بشكل قاطع سبب المرض، ولكن لو كان بالإمكان تأكيد هذا البحث وتكراره، فإن ذلك قد يغير من طريقة علاجنا لهذا المرض إلى الأبد.

وقد أخبرت كلير ويلسون Clare Wilson، والتي لم تكن مشتركة في الدراسة، مجلة New Scientist: “قد يسبب هذا تغييرًا جوهريًا، وهناك الكثير من الآليات المختلفة التي قد توقف انتشار المرض”.

قدم الفريق عمله هذا في اجتماع جمعية علوم الأعصاب Society for Neuroscience في سان دييغو الشهر الماضي، ونشروا أبحاثهم الآن في دورية Cell.

من المهم الانتباه إلى أن الدراسات المجراة على الفئران غالبًا لا تُتَرجم إلى البشر، ونحن الآن لا نفهم الصورة الكاملة عما يحدث في المرض، فقد يكون هناك عوامل أخرى مهمة لها علاقة بالمرض.

بينت الدراسات الأخرى أن الأشخاص المعرضين لبعض المبيدات الحشرية يكونون أكثر عرضةً لأن يصابوا بداء باركنسون، ولذلك يظن الفريق أن هذه المواد الكيميائية قد تؤثر على بكتيريا الأمعاء.

يريد الفريق الآن أن يحلل مجموعة البكتيريا المعوية في الأشخاص المصابين بداء باركنسون، من أجل تقرير أي أنواع البكتيريا بالتحديد هو ما يزيد احتمالية الإصابة بالمرض.

إذا استطاع الفريق تحديد سلالات محددة، فإن ذلك يعني أن الباحثين يستطيعون إيجاد طريقة للتحري المسبق عن داء باركنسون قبل أن تظهر الأعراض وقبل أن يحدث الضرر في الدماغ.

كما قد تساعدهم على الإتيان بخيارات جديدة للعلاج. يقول مازمانيان: “ترجمة هذا العمل المبتكر من الفئران إلى البشر سيأخذ العديد من السنوات، مثله مثل أي عملية اكتشاف للدواء، ولكن هذه الخطوة تبقى خطوة مهمة على الطريق”.

نُشر هذا البحث في دورية Cell. #علاج #داء باركنسون #الدماغ المصادر sciencealert الورقة العلمية

اترك تعليقك هنا ...

%d مدونون معجبون بهذه: