مستجدات التعليم الصيدلي والبحث العلمي

Beoryx eyelashes
Befresh

مستجدات التعليم الصيدلي والبحث العلمي
طرأ على مهنة الصيدلة في العقود الأخيرة العديد من التغييرات، نتجت عنها تعديلات جوهرية على التعليم الصيدلي. فبعد أن كان التعليم الصيدلي متمركزاً حول المنتج الدوائي، تحول نحو الرعاية الصيدلية، وذلك ليتكيف مع الممارسة الصيدلية المتطورة في خدمة المريض والمجتمع. وتبرز الصيدلة السريرية، كأحد أهم تلك التغييرات، من خلال إدخال تخصص دكتور صيدلة في التعليم الصيدلي، والذي يصب جل خدماته، على تحسين الرعاية الصحية للمريض.
حيث يعتبر الصيدلي السريري مصدراً موثوقاً للمعلومات الدوائية للفريق الطبي، والتمريضي، وكذلك لأخصائيي الرعاية الصحية المساندة. فيقوم بالمشاركة في جولات الفريق الطبي، المتعدد التخصصات، لمتابعة خطط علاج المرضى، وللحد من التفاعلات الدوائية، واختيار الجرعات المناسبة للمريض، وكذلك التأكد من الاستخدام الرشيد للأدوية، وتحقيق مخرجات العلاج.
هذا ومن المتوقع أن تواجه مهنة الصيدلة، في العقود المقبلة، تحديات جديدة، تفرضها متطلبات الرعاية الصحية المعقدة والمتنوعة.
لذا فإن تحسين التعليم الصيدلي بشكل منهجي ومستمر، يتيح للمهنة مسايرة التغيرات والتطورات والتحديات. تقوم العديد من البلدان حول العالم حالياً،بإدخال إصلاحات كبرى في مجال التعليم الصيدلي، وذلك لمواكبة المشهد المتغير لمفاهيم الخدمات والرعاية الصحية.
ولكن لابد أن تواكب هذه الإصلاحات،أنظمة جودة، للتأكد من أن المناهج التعليمية، ستفرز خريجي صيدلة مختصين وعلى درجة عالية من الكفاءة. ولكي يتم معالجة أوجه القصور في المناهج التعليمية الصيدلية وتطويرها، والمساهمة بشكل مؤثر وخاصة في قطاعي الصناعة الدوائية والبحث والتطوير وفي مجال الرعاية الصحية، من الضروري أن تتعاون المؤسسات الأكاديمية التي تقدم برامج الصيدلة، وبشكل منهجي ووثيق، مع شركاء المصلحة؛ من وحدات تطوير الأدوية، وصناعة المنتجات الصيدلانية، والمستودعات الدوائية، وصيدليات المجتمع، والمستشفيات، والمجلس الصيدلي، ونقابة الصيادلة.
التعليم الصيدلي والخيارات الوظيفية ينصب في الوقت الحاضر التعليم الأولي والتدريب للصيادلة على اكساب الخريجين المعرفة الكافية في مجال العلوم الصيدلانية، التي تمكنهم من فهم العلوم الصحية والأمراض، لممارسة دورهم الصحي الفاعل في المجتمع.
لخريجي الصيدلة فرص للعمل في مجالات عديدة منها: صيدليات المجتمع، وصيدليات المستشفيات، والمراكز الصحية الأولية، ومراكز المعلومات الدوائية، والجهات الرقابية، وإدارة تزويد الدواء، وشركات التأمين، ومراكز البحوث والدراسات الدوائية، والصناعة الدوائية. من ناحية أخرى، لدى خريجي دكتور صيدلة ميزة العمل بقطاع الصيدلة السريرية، إضافة إلى جميع الخيارات المهنية السابقة. يعمل معظم خريجي الصيدلة في صيدليات المجتمع، او كمندوبي دعاية وتسويق، كخيار اول لحياتهم المهنية، تليها المستشفيات والصناعة الدوائية، وبدرجة أقل الأكاديمية.
في دراسة أجريت في المملكة المتحدة،ونشرت عام 2006 ،قام باحثون باجراء مسح للطلاب في السنة التحضيرية، والتي تسبق دخولهم كلية الصيدلة،لتقصي رأيهم فيما يتعلق بطموحاتهم المهنية المستقبلية. طلب الباحثون من الطلاب اختيار خيار واحد من قائمة معينة من المهن التي تعكس خططهم المتوقعة. وقد كانت الصناعة الدوائية من أدنى اختياراتهم. ولكن من المثير للاهتمام، أنه عندما تم اعادة السؤال على نفس عينة الطلبة في السنة الدراسية الأخيرة، فإن أكثر من نصف الذين أرادوا العمل سابقاً في الصناعة الدوائية، قرروا اختيار العمل في مجالات أخرى.
وهذا يفتح باب التساؤل، هل محتويات الخطة التدريسية تعمل على تحويل نوايا الطلبة وطموحاتهم المهنية لابعادهم عن الصناعة الدوائية؟ أم تبين للطلبة أن العمل في الصناعة الدوائية يحتاج إلى مهارات معينة،والخطة التدريسية كانت غير كافية لإكسابهم هذه المهارات؟ ومع ذلك، فإن انخفاض نسبة الصيادلة في مجال الصناعة، يمكن أن يعزى ليس الى التعليم الصيدلاني فقط، بل إلى أسباب أخرى، مثل: الدخل، وبيئة العمل، وغياب التقدم في السلم الوظيفي. وعليه فقد أصبح من المسلمات، أهمية اكساب الصيادلة مهارات البحث العلمي، ومهارات تقييم الدراسات الدوائية، ككفايات أساسية لعمل الصيدلي في الصناعات الدوائية والرعاية الصحية.
البحث والتطوير الدوائي البحث والتطوير هو مصطلح واسع، تستخدمه المؤسسات لاكتشاف الحلول، التي تهدف إلى تحسين وتطوير الموارد الحالية، وإيجاد معارف جديدة، والتحقق من صحة المعارف الموجودة، أوخلق منتجات وتقنيات جديدة. تنفق شركات الأدوية مليارات الدولارات على البحث والتطوير.
وذلك لزيادة المعرفة من خلال البحث عن أهداف حيوية جديدة واكتشاف جزيئات كيمائية جديدة، وتعديل الأدوية الحالية أوتحسين الأساليب الحالية.
ويتم تنفيذ هذه العمليات من قبل علماء بتخصصات متنوعة، وخاصة علماء الأحياء، والكيمياء، جنباً إلى جنب مع مجموعة متنوعة من التخصصات المساندة، مثل: الصيدلة، والإحصاء، وعلم السموم، وعلم الوراثة، وغيرها.
يعدّ خريجو الصيدلة من أكثر المرشحين لشغل وظائف في مجال صناعة المنتجات الدوائية كفاءة، حيث يتم تدريبهم في مجالات علوم التصنيع الصيدلانية (التكنولوجيا الصيدلية، والتطوير الصيدلي، والصيدلة الصناعية)، والشؤون التنظيمية للأدوية، وضمان ومراقبة الجودة.
ويمكن للصيدلي أن يقوم بأدوار مختلفة؛ كالبحث والتطوير، وضمان الجودة، وإدارة المشاريع والشؤون التنظيمية، والحركية الدوائية، والمعلوماتية الدوائية، والتسويق والمبيعات. من الضروري أن تعمل كليات الصيدلة بالتشارك مع الصناعة الدوائية، والمؤسسات الصحية الحكومية والخاصة، والنقابات المهنية، على تحسين جودة التعليم الصيدلي والبحوث، لتعزيز الرعاية الصيدلية في المستقبل. وينبغي صياغة أهداف التعليم الصيدلي من أجل الاستفادة من مستجدات واقع المهنة وحاجة المجتمع، والاستعداد للمستقبل، وليس التقوقع خلف ممارسات وأدوار محدودة وتقليدية، بل أن تكون عاملاً مؤثراً في تحفيز الابتكار والتطوير، ضمن رؤية واسعة للممارسة والتعليم. البحث والرعاية الصحية إن مهارات البحث العلمي لا تقتصر على الصناعة الدوائية فحسب. فمع التغييرالمستمر في المعلومات الدوائية، وظهور دراسات جديدة،تنقض بعضها الآخر، في كثير من الأحيان، على الصيدلي أن يكون على معرفة بمهارات تقييم الدراسات السريرية، وفهم الدراسات، وتصميمها، وأنواعها، كجزء من مهارات البحث العلمي، حيث توفر هذه المهارات القدرات اللازمة للمساهمة مع الفريق الصحي، لاتخاذ قرارات مبنية على الأدلة العلمية الصحيحة والدقيقة. لذا، على كليات الصيدلة أن تدرك أهمية اكتساب مهارات تقييم الدراسات الدوائية، والدراسات السريرية لخريجي الصيدلة، وتعمل على وضع مناهج دراسية لتهيئتهم لفهم البحوث وتطبيقاتها على الممارسة الصيدلية. إن احتواء الخطط التدريسية للصيدلة، على مساقات تهدف للتدريب على أدبيات ومنهجية البحث العلمي،يفيد طالب الصيدلة إلى أبعد من ذلك أيضاً. حيث لا تقتصر فائدة الخبرة البحثية على الراغبين بالاستمرار بالعمل في التصنيع الدوائي أو السريري فحسب، بل سيوفر أيضاً لجميع الخريجين مهارات التفكير النقدي والتحليلي ومهارات التعلم المستمر، والتي تمكنهم من التعامل مع التحديات والمواقف التي تواجههم مستقبلاً. خارطة طريق لتطوير التعليم الصيدلي: لقد بذلت جهود جديرة بالثناء، في كثير من البلدان النامية، لمعالجة بعض أوجه القصور في نظام التعليم الصيدلي الحالي.
وهنا نقترح نهج من 6 خطوات، للتغلب على أوجه القصور في التعليم الصيدلي في المملكة، وعلى النحو التالي:
أولاً: تحديد الجهات التي تلعب دورا محوريا وكمظلة للتعليم الصيدلي.
ثانياً: الإقرار بقصور تعليم الصيدلة عن مواكبة التطورات وتلبية احتياجات جميع الشركاء وتطويرالمناهج الصيدلية الحالية وفقاً لذلك.
ثالثاً: إعادة صياغة الأدوار المهنية الواجب دعمها من قبل التعليم الصيدلي.
رابعاً: جمع أصحاب المصلحة والعمل معهم بشكل منهجي وكشركاء ومستفيدين نهائيين من مخرجات تعليم الصيدلة.
خامساً: ايجاد فرص تطوير مهني وأكاديمي لخريجي الصيدلة.
سادساً: معالجة التحديات الصحية الجديدة التي تنشأ كأعضاء مسؤولين في فريق الرعاية الصحية. ختاماً بادر التعليم الصيدلي، مع ظهور علم الصيدلة السريرية، لمواكبة عجلة التنمية في دول عديدة.حيث أعدت خططاً دراسية ثرية بعلوم صيدلانية واسعة تتعلق بالعلاج الدوائي،والصيدلة السريرية، وتقديم المشورة للمرضى، والصيدلة الاجتماعية والإدارية، والاقتصاد الصيدلاني والصناعة الدوائية.
بالإضافة لذلك، تم استحداث برامج تعليم صيدلي تقوم بتطوير المهارات والقدرات والسلوكيات لتطبيق العلوم الاساسية (الصحية، والطبية، والحيوية، والصيدلانية، والإدارية، والسريرية).
من المتوقع أن يكون لدى خريجي الصيدلة ايضاً المعرفة الكافية في مجال العلوم الصيدلانية، ومنهجيات وطرق البحث العلمي، وتطوير الأدوية، والتقنيات التحليلية، وتصنيع الأدوية، والحسابات الدوائية والحركية الدوائية بحيث تصب في فهم أوسع لدوره في الرعاية الصحية. والسؤال هنا، هل تُعِد الخطط الأكاديمية في كليات الصيدلة خريجيها لهذا الدور من حيث المعارف اللازمة والكفايات والمهارات والتدريب؟
يمكن القول بأن الصيادلة حديثي التخرج يفتقرون الى العمق المعرفي والمهاراتي والتخصصي. وكما هو الحال في جميع المهن، فإن التطوير الذاتي بعد التخرج، والمشاركة في برامج التعليم المستمروالتدريب، والتطوير المهني الذي توفره المؤسسات الصيدلانية والجهات الاخرى،يسهم في زيادة كفاءة الصيدلي ولكن تبقى المسؤولية الأساس على عاتق كليات الصيدلة.

اترك تعليقك هنا ...

%d مدونون معجبون بهذه: