الحلقة 2 : د. عبد الحميد عليمات “تأسيس واجهزة النقابات المهنية” دراسة حول دور النقابات المهنية في الحياه السياسية

الحلقة 2 : د. عبد الحميد عليمات “تأسيس واجهزة النقابات المهنية” دراسة حول دور النقابات المهنية في الحياه السياسية

تأسيس واجهزة النقابات المهنية

يعتبر الحق في تكوين النقابات المهنية احد حقوق الانسان ومن اهم المعايير الدولية للعمل وتهدف النقابات الى ايجاد توازن بين العمال واصحاب العمل من جهة وبين منسبيها والجهات الرسمية والاردن بوصفة احدى الدول الاعضاء بمنظمة العمل الدولية ملزم بجميع الاتفاقيات المتعلقة بالحريات النقابية التزاما ادبيا وسياسا وقانونيا نص الدستور الاردني على حق اصحاب المهن بتأسيس النقابات المهنية الخاصة بهم وتعتبر النقابات المهنية قطاعا من اهم قطاعات ومؤسسات المجتمع المدني من خلال تمثيلها لشريحة واسعة من مكونات المجتمع الاردني تمتاز بالمستوى التعليمي والثقافة المجتمعة والوعي السياسي([1]).

اضطلعت النقابات المهنية بدورها المرسوم وفق قوانينها بالدفاع عن مصالح الشريحة التي تمثلها ولعبت ادوارا وطنية واجتماعية لتأخذ موقع الريادة والقيادة في مؤسسات المجتمع المدني كرديف وداعم ومراقب وناقد للأداء الحكومي ان عمر النقابات المهنية من عمر الدولة الاردنية  وفيها تمارس الديمقراطية بابها صورها من خلال انتخابات حرة ونزيهة لاختيار مجالسها واداراتها وادت الاحكام العرفية وغياب الاحزاب السياسية ومؤسسة البرلمان الى ان تصبح النقابات المهنية حاضنة العمل السياسي ولعبت ادوارا بارزة في العمل السياسي الوطني .

المبحث الأول: نشاه النقابات المهنية :

وتعرف الموسوعة السياسية نقابات العمال، بأنها:

“جمعيات تشكل لأغراض المساومة الجماعية بشأن شروط الاستخدام، ولتنمية مصالح أعضائها الاقتصادية والاجتماعية عن طريق الضغط على الحكومات والهيئات التشريعية، والالتجاء إلى العمل السياسي في حالات معينة، ولقد كانت بريطانيا أسبق الدول إلى الاعتراف بالأهلية الكاملة للنقابات العمالية، وتم ذلك في عام 1871م”([2]).

ورغم أن جوهر العملية النقابية، كان ذا طبيعة مهنية ومطلبية، لتحسين ظروف العمل ومستوى الأجور ومقاومة الاستغلال، إلا أن صعوبة الفصل بين الاقتصاد والسياسة، وتأثير كل منهما على الآخر، انعكس على العمل النقابي، وأصبحت النقابات العمالية والمهنية معنية بالنشاط السياسي بشكل أو بآخر.

النقابة تنظيم قانوني، يتكون من الأشخاص المتعاطين لمهنة واحدة أو مهن متقاربة أو صناعة أو حرفة مرتبطة بعضها ببعض، وهي تستهدف تحسين ظروف عملهم قانونيا وماديا.

التنظيمات المهنية هي اتحادات ومنظمات تضم أشخاصا يعملون في مهنة واحدة، وتسعى للحفاظ على شرف المهنة والارتقاء بمستواها وتطويرها، كما تسعى للحفاظ على مصالح أعضائها. وإن النقابة منظمة مهمتها جمع صفوف العمال وتنظيمهم واستنهاض وعيهم الطبقي وتوجيههم مجتمعين للدفاع عن مصالحهم ضد مستثمرين، والبحث عن أفضل الشروط الملائمة لتحرّكهم ونضالهم، وأن النقابة هي تنظيم خاص إرادي وطوعي لجميع العمال أياً كانت معتقداتهم السياسية والطائفية والحزبية والمذهبية والمنطقية، وحق الانتساب إليها لكل عامل في ضمان نقابة مهنته. والنقابة سلاح فعّال بين يدي العمال للدفاع عن حقوقهم، وهنالك مصدر أخر يعرف النقابة بأنها تجمعات تطوعية تتأسس بالإرادة الحرة لأعضائها خدمة لمصالحهم ودفاعاً عن قضاياهم، وتدار إدارة ذاتية من خلال مجال وقيادات يقوم الأعضاء باختيارها([3])، وهذا تعريف مبسط لها إذ نعتبرها إطاراً طوعياً تشكله مجموعة من الناس تجمعهم أهداف مشتركة ومطالب محددة يسعون لتحقيقها والحصول عليها.

تعود نشاه النقابات المهنية الى عقد الخمسينات من القرن العشرين بعد صدور الدستور الاردني عام 1952م حيث نصت المادة (16/2)على : للأردنيين حق تأليف الجمعيات والنقابات والاحزاب السياسية على ان تكون غاياتها مشروعة ووسائلها سلمية وذات نظم لا تخالف احكام الدستور.  واستأثرت النقابات المهنية بدور بارز في التعبير عن مصالح منسبيها وهيئاتها العامة في الحفاظ على المهنة وتطوريها والدفاع عنهم امام الجهات الرسمية والمؤسسات الاخرى .تم اصدار القوانين والانظمة التي تحكم عمل النقابات المهنية وتمكنها من مماسة عملها وبداء تأسيس النقابات تباعا حيث اسست نقابة المحامين ونقابة اطباء الاسنان  وتوالى ظهور الكيانات النقابية تباعا .

تمارس النقابات المهنية اعمالها بموجب قانون خاص يضم الاهداف التي تسعى النقابات الى تحقيقها والصلاحيات الممنوحة له من اجل رعاية مصالح المنتسبين وتنظيم المهنة وشروط مزاولتها  والحفاظ على العلاقات بينهم والدفاع عن حقوقهم المهنية والمالية من خلال تمثيلهم امام الجهات الرسمية ([4]).

يمكن تلخيص الاهداف التي تسعى النقابات المهنية الى تحقيقها كما يلي :

  • تنظيم مزاولة المهنة , ورعاية المصالح المهنية لأعضائها .
  • الدفاع عن منسبيها من خلال المحافظة على حقوقهم .
  • رفع مستوى المهنة والتطوير المهني لأداء منسبيها .
  • توفير مظلة ضمان اجتماعي وتامين صحي وصرف رواتب تقاعدية .
  • المشاركة في التفاعلات الوطنية وممارسة دورا في الخدمة المجتمعية .
  • التفاعل مع القضايا الوطنية والعربية والاسلامية .

حيث نصت المادة 5  من قانون نقابة الصيادلة رقم 15 لعام 1972م على ([5]):

تمارس النقابة نشاطها لتحقيق الاهداف التالية :

  • المحافظة على مصالح المهنة وحمايتها والدفاع عنها وتنظيمها .
  • التعاون مع الوزارة وجميع الهيئات والمؤسسات ذات العلاقة لرفع مستوى الخدمات الصيدلانية والدوائية وتوفيرها لأفراد الجمهور ,
  • جمع كلمه الصيادلة والمحافظة على حقوقهم وكرامتهم .
  • المحافظة على آداب المهنة .
  • تشجيع البحوث العلمية بشكل عام وفي حقل الدواء بشكل خاص .
  • تامين الحياة الكريمة للصيادلة وعائلاتهم في حالة العوز والشيخوخة .

ويمثل النقابات المهنية مجالس منتخبة يعاد انتخابها دوريا كل سنتين او ثلاثة سنوات حسب قانون كل النقابة ويراس المجلس نقيب ويضم عدد معين يمثل قطاعات المهنة التي تمثلها النقابة لممارسة عمل تطوعي دون مردود مادي او مقابل

يمكن تقسيم مراحل تطور النقابات المهنية الى خمسة مراحل اساسية هي:

المرحلة الاولى: وهي الفترة ما بين عامي 1950م – 1957م التي واكبت النكبة الفلسطينية وتمثلت بإنشاء احزاب ونقابات عمالية ومهنية وعمالية واحزاب سياسية وحركات نسوية .

المرحلة الثانية: وهي الفترة ما بين عامي 1957م-1967م التي تميزت بإلغاء الاحزاب السياسية وتقليص هامش الحريات .

المرحلة الثالثة: وهي الفترة ما بين عامي 1967م- 1971م التي تلت حرب 1967م ولعبت النقابات المهنية خلالها دورا سياسيا بارزا .

المرحلة الرابعة: وهي الفترة ما بين عامي 1971م- 1989م التي سبقت التحول الديمقراطي وتميزت بتلازم الدورين السياسي والمهني للنقابات , وتنامي دورها في تحقيق التعبئة السياسية وتطور النضالات الديمقراطية , مستفيدة من وجودها الشرعي وقوة قاعدة عضويتها , الامر الذي قاد الى المواجهة مع السلطات الحكومية عام 1988م.

المرحلة الخامسة: في الفترة الممتدة عام 1989م وحتى وقتنا الحالي حيث شهد الاردن بداية التحول الديمقراطي عام 1989م وعودة الحياه السياسية واجراء انتخابات نيابية والسماح بإنشاء الاحزاب السياسية مما ادى الى الدعوة الى مهنية النقابات والابتعاد عن العمل السياسي وهو الجدل الذي ما زال حتى يومنا هذا مما اثر على انخراط النقابات المهنية بالعمل السياسي كما كانت سابقا .

 

وتاليا رابط الحلقة الاولى من هذه الدراسة القيمة:

د. عبد الحميد عليمات يقدم دراسة حول دور النقابات المهنية في الحياه السياسية جدلية العمل المهني والسياسي -حلقة 1

 

Tags

Share this post:

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore
%d مدونون معجبون بهذه: