د. لؤي ابو قطوسة يكتب: فصل الخطاب في جدوى الحظر في وباء كورونا

د. لؤي ابو قطوسة يكتب: فصل الخطاب في جدوى الحظر في وباء كورونا

لا يخفى على المتابع للشأن المحلي والدولي أن هناك طنطنة دائمة حول وجود حظر جزئي وشامل كلما تطور الوضع الوبائي في الاردن بشكل خاص والعالم بشكل عام

وقد كانت الاردن من أوائل الدول التي تبنت الحظر بشقيه في المراحل الأولى من جائحة كورونا وعلى مدار فترة زمنية طويلة نسبيا كانت سببا في تأخر انتشار الفيروس في المجتمع وتسطيح المنحنى الوبائي خلال تلك الفترة

ولكن ومع غياب الخبرة العميقة في إدارة الأوبئة وخطأ بعض التقديرات بطول فترة الوباء وديناميكيته كانت الآثار السلبية للحظر بشقيه كبيرة ومزمنة لم تظهر جميع أعراضها بعد وخصوصاً الصعبة منها والتي ستحتاج إلى اضعاف مضاعفه من الزمن والجهد لعلاجها قد تصل إلى عقود من الزمن

ومع هذه كله لا تزال بعض الإدارات تصر على نفس الآليات التي أثبتت فشلها في السيطرة على الوضع الوبائي وانتشار الوباء بطريقة سريعة وكبيرة أدت إلى ما نحن فيه الآن من انتشار مجتمعي وعدم وجود معرفة عن مناعة مجتمعية فاعلة قد تشكل حلا خاصه في ظل تاخر ظهور لقاح فعال أو ضعف حدة الفيروس وقدرته على العدوى

قلتها كخبير ومختص بالمايكروبات الطبية والمناعة السريرية ومنذ بداية الجائحة أن الحظر يوم او يومين او حتى اسبوعين لن يجدي في وقف انتشار الفيروس وانما سيساهم سلبا في التفشي وان الأساس هو التركيز على وسائل الوقاية والسلامة العامة والتباعد الاجتماعي ومراقبة التزام الأفراد بها ومراقبة الحدود خاصه في بداية الجائحة

من المتفق عليه أن فترة حضانة الفيروس بالمتوسط هي اسبوعين بمعنى أن الشخص المصاب يستطيع نشر العدوى خلال فترة قد تصل بالمتوسط إلى 14 يوم
فلو افترضنا أن شخص ما أصيب قبل حظر اسبوعين بيوم وأنه تسبب بعدوى لأحد أفراد أسرته المحظورين معه في اليوم العاشر مثلا فإن هذا الشخص الثاني سيكون مصدر لنشر العدوى حتى بعد الحظر لأسبوعين ولمدة قد تصل إلى أسبوع إلى أسبوعين إضافيين وهنا تكون كارثة حجر الناس لأسبوعين وعدم الاستفادة منه

نعم صحيح أن الحظر يساهم في تأخير الحالات ولكن لا يمكن أن يكون طريقه صحيحة للسيطرة على الوضع الوبائي الا في حاله واحدة لو كان لمدة شهر على الأقل من الناحية الوبائية وهذا لعمري سيكون كارثي على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لأي دولة مهما كان اقتصادها قوي ومجتمعها متماسك

اتمنى على الزملاء الكرام في لجنة الأوبئة ومركز رصد العدوى إيصال رسالتنا كمختصين لخلايا إدارة الأزمة ودراسة ومناقشة اطروحاتنا قبل فوات الاوان فالوضع يزداد صعوبة ولا بد من العمل الجاد والدقيق لمنع تدهور اضافي فالخطا الان سيكون عواقبه وخيمة

مع خالص الاحترام والتقدير لكل من يعمل في إدارة الملف الوبائي

الدكتور لؤي ابو قطوسة
اختصاصي الميكروبات الطبية والمناعة السريرية

Tags

Share this post:

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore
%d مدونون معجبون بهذه: