د. الآء صلاح تكتب: لنومٍ هانئ… الميلاتونين أم المغنيسيوم أم كليهما؟

د. الآء صلاح تكتب: لنومٍ هانئ… الميلاتونين أم المغنيسيوم أم كليهما؟


لا شك في أن الجميع يسعى للحصول على نوم هانئ وقسطٍ كبيرٍ من الراحة لمتابعة نشاطاتهم الحياتية اليوميةة على أكمل وجه، وفي ظل الضغوطات اليومية وإيقاع الحياة المتسارع يواجه العديد من الناس صعوبات واضطرابات في النوم، وهذا ما جعلهم يبحثون عن حلول وطرق آمنة لعلاج هذه الاضطرابات، ولذلك درج استخدام مكملات الميلاتونين والمغنيسيوم في الآونة الأخيرة، حيث قد يتوفر كل منهما على حدة أو كخليط، وقد يضاف إلهما مواد أخرى في سبيل التخلص من مشاكل الأرق وصعوبات النوم.

ما هو الميلاتونين؟
الميلاتونين ما هو إلا هرمون يتم إنتاجه من قبل الجسم بشكلٍ طبيعي وتحديداً في الدماغ لتنظيم دورة النوم والاستيقاظ، والتي ترتبط بمواقيت اليوم، حيث يحفز حلول الظلام الجسم على إنتاج كمياتٍ أكبر من الميلاتونين، وبذلك يرسل إشارة إلى الجسم ليدخل في النوم، بينما يعمل النور على تقليل إنتاج الجسم للميلاتونين، وبالتالي يرسل إلى الجسم رسالة للاستيقاظ، ومن الجدير بالذكر أن إنتاج الجسم للميلاتونين يقل مع التقدم في العمر.
يتوفر الميلاتونين المُصنع في المختبرات كمكملٍ غذائي، حيث يمكن استخدامه من قبل الأشخاص الذين يعانون من مشاكل النوم والأرق لغايات تحفيز وتنظيم النوم، وقد وجد أن الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في النوم يعانون من انخفاض مستوى الميلاتونين في جسمهم، وبالتالي يمكن لمكملات الميلاتونين أن تساعد في حل هذه المشكلة.

ما هو دور الميلاتونين في تحسين النوم؟
بحسب الأبحاث يمكن أن يساعد الميلاتونين في بعض من حالات اضطربات النوم، ومنها:
*اضطرابات نوم النظم اليوماوي Circadian rhythm لدى المكفوفين، حيث يمكن أن يحسن تناول مكملات الميلاتونين لدى المصابين بهذه الحالة من الكبار والصغار من نوعية النوم.
*اضطراب الطور النوم المتأخر أو كما يعرف أيضاً باسم اضطراب طور النوم واليقظة المتأخرين، تحدث هذه الحالة عندما يكون هناك تأخير في نمط النوم بمقدار ساعتين أو أكثر عن النمط الطبيعي والمعتاد لنوم الشخص، مما يؤدي إلى دخوله في حالة النوم متأخر والاسنيقاظ متأخراً. وقد أظهرت الأبحاث أن الميلاتونين يقلل من الوقت الذي المستغرق في الدخول والبدأ في النوم لدى الكبار والصغار الذين يعانون من هذه الحالة.
*الأرق، تقترح الأبحاث أنه يمكن للميلاتونين أن يقلل من الوقت المستغرق للدخول في النوم في حالة الأرق بشكلٍ بسيط، ولكن لا يمكن الجزم إن كان له تأثير على نوعية النوم والعدد الكلي لساعات النوم. وقد يكون الميلاتونين في هذه الحالة فعالاً أكثر بالنسبة للبالغين الذين يعانون من نقص حاد في مستويات الميلاتونين.
*الاضطراب المصاحب للسفر Jet lag، أو كما يعرف أيضاً باسم عسر التكيف مع التوقيت الزمني، وهو اضطراب نوم مؤقت يصيب المسافرين الذين يعبرون ثلاث مناطق زمنية، ويساعد الميلاتونين هنا في التخفيف من الأعراض المصاحبة لهذا الاضطراب مثل اليقظة، والنعاس الزائد خلال النهار.
*اضطرابات النوم لدى الأطفال، تقترح بعض الدرسات الصغيرة أنه يمكن للميلاتونين أن يساعد في علاج اضطربات النوم لدى الأطفال الذين يعانون من أنواع مختلفة من الإعاقات، ولكن دائماً ما ينصح بإكساب الأطفال عادات نوم صحية كخيار أولي لعلاج هذه الاضطربات، ولا بد من استشارة الطبيب قبل البدأ بعلاجهم من خلال الميلاتونين.

ما هو المغنيسيوم؟
يعتبر المغنيسيوم واحداً من المعادن المهمة والأساسية لصحة الإنسان بشكلٍ عام، حيث يُستخدم في أكثر من 600 تفاعل من التفاعلات الخلوية في أجزاء الجسم المختلفة، ويساعد في إنتاج الطاقة والبروتينات، أي أن الخلايا والأعضاء تحتاج إلى المغنيسيوم لكي تقوم بأداء وظائفها كما يجب، وهذا يتضمن صحة العظام، ووظائف الدماغ والأعصاب، والقلب، والعضلات الأخرى.
أما عن فوائد المغنيسيوم فهي متعددة، فهو يعمل على محاربة الالتهاب Inflammation، ودعم النظام المناعي، ومعالجة الإمساك، والتحكم في مستويات السكر في الدم، وخفض ضغط الدم، والمحافظة على انتظام معدل نبضات القلب، وتقوية العظام بالإضافة إلى قدرته في تحسين مشاكل واضظرابات النوم.
يتواجد المغنيسيوم في العديد من الأطعمة، منها: البقوليات، والمكسرات، والحبوب الكاملة الغنية بالألياف، والشكولاتة الداكنة، والأسماك، والخضراوات الورقية، والموز والأفوكادو. كما يتوفر المغنيسسوم بأنواعه المختلفة في الصيدليات على شكل مكملات غذائية، ومستحضرات تستخدم موضعياً على هيئة بخاخات وزيوت.

ما هو دورالمغنيسيوم في تحسين النوم؟
يمكن للمغنيسيوم أن يساهم في تحسين النوم من خلال عدة طرق، وهي:
*تهدئة الجهاز العصبي المركزي
يلعب المغنيسيوم دوراً هاماً في تنظيم الجهاز العصبي المركزي، وذلك من خلال تحقيق التوازن في نشاط النواقل الكميائية المسؤولة عن إرسال الإشارات في داخل النظام العصبي والدماغ، فالمغنيسيوم يرتبط مع مستقبلات حمض الغاما-أمينوبيوتيريك gama-aminobutyric acid (GABA) receptors ويحفزها، مما يرفع من مستويات هذا الحمض في الدماغ، بالتالي يساعد في الإبطاء من نشاط الدماغ ويحفز على الاسترخاء، كما يساعد المغنيسيوم في تنظيم هرمون الميلاتونين. من الجدير بالذكر أن المغنيسيوم يساعد أيضاً في التحكم بالرسائل العصبية التي ينقلها النخاع الشوكي بين الدماغ والخلايا العصبية.
*التقليل من الأرق
يمكن لنقص المغنيسيوم الحاد بحسب بعض الدراسات أن يتسبب بمشاكل في النوم ومنها الأرق، وبالتالي يمكن أن يساعد استخدام المكملات الغذائية التي تحتوي على المغنيسيوم في استعادة مستويات المغنيسيوم الطبيعية، وبالتالي تحسين نمط النوم، واعتماداً على النتائج التي تم استخلاصها من ثلاث دراسات صغيرة، فإن تناول مكملات المغنيسيوم من قبل المشاركين ساعد في دعم إنتاج الميلاتونين طبيعياً لديهم، الأمر الذي قد يساعد كبار السن الذين يعانون من الأرق في النوم بشكلٍ أسرع، الاستيقاظ بعدد مرات أقل خلال الليل، والنوم لفترات أطول. وفي دراسة أخرى، وجد تحسن واضح في النوم مع حدوث اضطرابات أقل خلاله لدى المشاركين الذين تناولوا جرعات من المغنيسيوم والميلاتونين وأيضاً من فيتامينات مجموعة B معاً بشكلً يومي لغاية ثلاثة أشهر.
*التقليل من القلق وأعراض الاكتئاب
يمكن أن تتسبب بعض المشاكل النفسية مثل القلق والاكتئاب في زيادة فرصة حدوث الأرق واضطراب في نوعية ونمط النوم، وبحسب الدراسات فإنه يمكن أن يساعد تناول مكملات المغنيسيوم على تحسين أعراض الاكتئاب والتقليل من الشعور بالقلق، والذي بدوره يمكن أن يحسن من نوعية النوم. وفي المقابل يمكن لانخفاض مستويات المغنيسيوم أن يزيد من شدة القلق، والتوتر مع الشعور بالعصبية والتعب.
*التقليل من أعراض متلازمة تململ الساقين
يمكن تعريف متلازمة تململ الساقين Resless Leg Syndrome (RLS) على أنها حالة عصبية تتمثل بالشعور بعدم الارتياح في الساقين ناتج عن الشعور بالتنميل والحرقة فيهما خلال الاستلقاء، والذي يؤدي إلى الحاجة المستمرة والملحة في تحريكهما للتخلص من هذا الشعور، وهذا يعطي المريض إحساساً مؤقتاً بالراحة.
يعاني الأشخاص المصابين بمتلازمة تململ الساقين عادةً من الصعوبة في الدخول والبقاء في حالة النوم بسبب هذا الشعور المزعج والمستمر بالساقين، وتقترح الأبحاث في هذا المجال أن تناول مكملات المغنيسيوم يمكن أن يساعد في التخلص من أعراض هذه المتلازمة، فالمغنيسيوم يساعد في ارتخاء العضلات وبالتالي يسهل التخلص من الشعور المستمر بعدم الراحة والحاجة إلى تحريك الساقين خلال النوم.

الميلاتونين أم المغنيسسوم أم الاثنين معاً؟
في الواقع قد يعتمد اختيار المادة الأنسب من بين الميلاتونين والمغنيسيوم على حسب حالة الشخص ونوع الاضطراب الذي يعاني منه، وحالته الصحية ونمط حياته بشكلٍ عام، وبطبيعة الحال قد يبدو الميلاتوين للبعض الخيار الأول والأنسب للحصول على نتيجة أفضل وأكثر فائدة وفاعلية عند النوم، ولكن من ناحية أخرى فإن الفوائد التي يمكن أن يقدمها المغنيسيوم بما في ذلك قدرته على تحفيز الجسم على إنتاج الميلاتونين يمكن أن تجعل منه خياراً مناسباً للبعض.
وعليه ومما سبق يمكن أن يعطي استخدام المكملات التي تحتوي على الميلاتونين والمغنيسيوم معاً نتيجة أقوى للحصول على نومٍ عميق يتميز بكونه أكثر راحة، ويستمر لفترة أطول مما إذا استخدم كل واحد منهم على حدة، حيث أن المغنيسيوم يساعد على تغذية الأنشطة الأيضية في الجسم، كما يساعد على ارتخاء العضلات والأعصاب أيضاً من دون حدوث آثارٍ حانبية كتلك التي تنتج عن استخدام الأدوية المرخية للعضلات، وبالتالي فإن جمع هذه الفوائد للمغنيسيوم مع فوائد الميلاتونين المتمثلة في استعادة نظم نوم طور اليوماوي، وتحسين نمط النوم بشكلٍ عام يمكن أن يوفر أفضل نتيجة للنوم الهانئ.

الصيدلانية آلآء صلاح
الصيدلانية المسؤولة في صيدلية عمون

المصادر:
https://www.webmd.com/vitamins/ai/ingredientmono-940/melatonin
https://www.mayoclinic.org/drugs-supplements-melatonin/art-20363071
https://www.healthline.com/nutrition/magnesium-and-sleep#what-is-magnesium
https://www.health.com/condition/sleep/magnesium-for-sleep
https://www.verywellhealth.com/magnesium-for-sleep-7501514
https://www.performancelab.com/blogs/sleep/magnesium-and-melatonin-interaction?srsltid=AfmBOoruuhDpgGctIuLVkQ00UlSlCoegj6pfs7N9PfU3K6–U19bZeBC

Tags

Share this post:

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore
%d مدونون معجبون بهذه: