د. مريم شحادة تكتب حول : دائرة الابتكار في الصناعة الدوائية.

د. مريم شحادة تكتب حول : دائرة الابتكار في الصناعة الدوائية


تُعطى حماية أي اختراع أو ابتكار بموجب “براءة الاختراع” التي بموجبها يصبح صاحبها مالك الحق الحصري في استغلال هذا الاختراع (ما لم يكن هناك أي ترخيص للغير باستخدام البراءة).

ويعتبر السبب الرئيسي للحصول على براءة الاختراع لمستحضرات الدوائية هو الاستثمار التجاري لصاحب البراءة وحقه في اطلاق هذه المستحضرات الدوائية الجديدة بهدف تحقيق أرباحاً كبيرة لتغطية تكاليف البحث والتطوير لانتاج هذه المستحضرات.

تكون مدة حماية براءة الاختراع 20 عاماً من تاريخ إيداع طلب براءة الاختراع, كما يتعين على صاحب البراءة الكشف بصورة كاملة عن الاختراع بعد انتهاء مدة حماية البراءة, عندها يصبح هناك فرصة كبيرة لدخول الأدوية الجنيسة للسوق من قِبَل المنافسين.
لا تسير عملية ابتكار المستحضرات الدوائية بشكل مستقيم له بداية ونهاية واضحتان, ولكنها أقرب ما يمكن تصورها على أنها دائرة مستمرة, حيث تعتبر دائرة الابتكار في البلدان المتقدمة مدعومة بالقدرة على دفع ثمن المستحضرات الدوائية, أما في البلدان النامية تعتبر القدرة المالية على شراء الأدوية محدودة, كما أن صغر حجم السوق الدوائي يُضعِف القدرة على إجراء البحوث الأولية.

تنطلق دائرة الابتكار الدوائي من بحث مركبات جديدة وأساسية وتطويرها, ثم اختيار منتجات جديدة وتطويرها, وصولاً إلى تسليم تلك المنتجات, ثم العودة إلى بحث منتجات جديدة وتطويرها, بالاعتماد على التعليقات الواردة بعد طرح المنتج في السوق والاستعمال الفعلي للدواء من المرضى.
تظهر أهمية دائرة الابتكار بشكل أكبر في الدول المتقدمة, حيث يكون هناك طلباً كبيراً على منتجات جديدة بالمقابل تسعى الشركات إلى سداد ثمنها نتيجة أرباحها, أما في البلدان النامية لا يكون هناك طلباً نتيجة ضعف القدرة المالية, بسبب القدرة الشرائية المحدودة للمرضى, لذلك يظهر التطبيق الفعلي لدائرة الابتكار في البلدان المتقدمة وتُخفِق في استحداث منتجات دوائية جديدة في البلدان الأشد فقراً.


ولدراسة هذا الاخفاق أنشأت منظمة الصحة العالمية المعنية بحقوق الملكية الفكرية والابتكار والصحة العمومية, وتوصلت إلى أهم أسبابه وهي:
1. عدم وجود اكتفاء ذاتي للابتكار في البلدان النامية وذلك بسبب: نقص التمويل للخدمات الصحية, صغر حجم الأسواق, ضعف القدرة الشرائية للكثير من المرضى.
2. عدم وجود قدرة مالية كافية لإجراء البحوث الدوائية, حيث تعتبر هذه البحوث مُكلفة مادياً, وهناك مخاطرة كبيرة في دفع هذه المبالغ الكبيرة.
ونظراً لهذه الأسباب تعتبر حقوق الملكية الفكرية ليست وحدها العامل التحفيزي لإجراء البحوث الدوائية للوصول إلى مستحضرات جديدة تساعد في القضاء على الكثير من الأمراض المتفشية في البلدان النامية, بل هناك ارتفاع في المخاطرة, فتطوير أي مستحضر دوائي ابتداءً من مرحلة المختبر إلى مرحلة الانتاج ثم مرحلة التسويق يستغرق وقتاً طويلاً, بالاضافة إلى الحاجة لمزيد من الوقت والجهد المطلوبين لتحقيق العديد من متطلبات المؤسسة العامة للغذاء والدواء المحلية في كل بلد سيتم طرح المستحضر فيه, حيث تشمل هذه المتطلبات اختبار لجودة المستحضر وسلامته وفعاليته, بالاضافة إلى استمرارية متابعة آثار المستحضر بعد تسويقه وبيعه للمرضى, وبالتالي هناك الكثير من المستحضرات الدوائية قد لا تصل إلى الأسواق أبداً نتيجة الاخفاق في تحقيق هذه المتطلبات, أو قد يكون فشلها بسبب عدم القدرة على تسويق المستحضر الجنيس مقابل المستحضر الأصيل, أو قد يكون فشل المستحضر بعد طرحه للسوق وبيعه للمرضى نتيجة آثاره الجانبية الكبيرة التي تؤثر على صحة وسلامة المرضى.
المراجع: المنظمة العالمية للملكية الفكرية WIPO.

Tags

Share this post:

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore
%d مدونون معجبون بهذه: