د. محمود شبانة يكتب: التزايد المتسارع لعدد الصيدليات الفردية في الأردن: التأثيرات والتحديات

د. محمود شبانة يكتب: التزايد المتسارع لعدد الصيدليات الفردية في الأردن: التأثيرات والتحديات

يعد التزايد المتسارع لعدد الصيدليات الفردية في الأردن موضوعًا ذا أهمية كبيرة، خاصة عندما يتجاوز هذا الزيادة التعداد السكاني بشكل غير متناسب. يتم تنظيم فتح الصيدليات في الأردن بناءً على المسافات الفاصلة بين الصيدليات القائمة بدلاً من التعداد السكاني، مما يؤدي إلى تأثيرات متعددة على السوق الدوائي.

التزايد المتسارع لعدد الصيدليات

في السنوات الأخيرة، شهد الأردن زيادة ملحوظة في عدد الصيدليات الفردية، وهذا يمكن ملاحظته بوضوح في المدن الكبيرة والصغيرة على حد سواء. هذه الزيادة السريعة قد تؤدي إلى انتشار كثيف للصيدليات في مناطق معينة بينما تبقى مناطق أخرى غير مغطاة بشكل كافٍ. النتيجة تكون في زيادة المنافسة بين الصيدليات في المناطق المزدحمة، مما قد يؤثر على جودة الخدمات المقدمة.

تأثير التزايد على السوق الدوائي

  1. التنافسية العالية: يؤدي الانتشار الكبير للصيدليات في بعض المناطق إلى زيادة المنافسة بشكل قد يكون غير صحي. هذا قد يؤدي إلى محاولات جذب الزبائن بطرق قد تكون غير مستدامة اقتصاديًا، مثل تخفيض الأسعار بشكل كبير أو تقديم عروض غير مجدية.
  2. التوزيع غير المتكافئ: التزايد في عدد الصيدليات في مناطق معينة و خاصة محافظة العاصمة عمان مقابل نقصها في مناطق أخرى قد يؤدي إلى عدم التوزيع العادل للأدوية والخدمات الصحية، مما يؤثر سلبًا على صحة المجتمع بشكل عام.
  3. تأثير على جودة الخدمة: في ظل التنافس الشديد، قد تتجه بعض الصيدليات لتقليل التكاليف على حساب جودة الخدمة أو المنتجات المقدمة، مما قد يضر بالمرضى و المجتمع.

تأثير التزايد على أصحاب الصيدليات

  1. انخفاض الأرباح: زيادة عدد الصيدليات في منطقة معينة يزيد من المنافسة، مما يؤدي إلى تقليل هامش الربح لكل صيدلية. أصحاب الصيدليات سيضطرون إلى خفض أسعار الأدوية والخدمات لجذب الزبائن، مما يقلل من أرباحهم. من ناحية أخرى، قامت هيئة الغذاء و الدواء بتخفيض أسعار الأدوية عدة مرات في محاولة لتخفيف العبء على المواطنين. هذا التخفيض أدى إلى انخفاض الوارد اليومي والسنوي للصيدليات الفردية، مما يزيد من التحديات المالية التي تواجهها هذه الصيدليات، خاصة في ظل انخفاض القوة الشرائية للمستهلكين بسبب الظروف الاقتصادية العامة.
  2. ارتفاع التكاليف التشغيلية: مع زيادة المنافسة، و انخفاض المدخول يضطر أصحاب الصيدليات إلى خرق القوانين الناظمة للمهنة و إنفاق المزيد على الخصومات والعروض الترويجية لجذب العملاء مما يزيد من التكاليف التشغيلية.
  3. ضغوط مالية: انخفاض الأرباح وزيادة التكاليف التشغيلية قد يؤدي إلى ضغوط مالية كبيرة على أصحاب الصيدليات، وقد يتسبب في إفلاس بعض الصيدليات الصغيرة التي لا تستطيع المنافسة مع الصيدليات الأكبر والأكثر استقراراً. تأثير التزايد على الموردين و المصنعين
  4. عدم استقرار السوق: زيادة عدد الصيدليات بشكل غير منظم يؤدي إلى عدم استقرار السوق، حيث يصبح من الصعب على الموردين التنبؤ بالطلب بشكل دقيق. هذا قد يؤدي إلى نقص أو فائض في المخزون.
  5. ارتفاع التكاليف اللوجستية: التوزيع العشوائي للصيدليات قد يزيد من تكاليف التوزيع والنقل للموردين، حيث يحتاجون إلى توصيل الأدوية إلى عدد كبير من الصيدليات المنتشرة بشكل غير منظم. و اصبح ملحوظ بالاونة الأخير بان الكثير من الموردين قاموا بوضع سقوف مالية لتوصيل الطلبيات.
  6. تفاوت في الطلب: زيادة المنافسة بين الصيدليات قد تؤدي إلى تفاوت في الطلب على الأدوية، هذا التفاوت سيزيد من كلف الموردين و المصنعين اليومية لإدارة العمليات الغير منتظمة و صعوبات في جدولة الديون الخارجية لدى الصيدليات. تأثير التزايد على الاقتصاد الوطني
  7. عدم استقرار السوق الدوائي: الانتشار غير المنظم للصيدليات يؤدي إلى عدم استقرار في السوق الدوائي، مما يؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني. عدم القدرة على تنظيم الطلب والعرض بشكل صحيح يؤدي إلى هدر الموارد وزيادة التكاليف.
  8. تأثير على النظام الصحي: توزيع غير عادل للصيدليات يؤثر على الوصول إلى الأدوية والخدمات الصحية، مما يزيد من التحديات التي يواجهها النظام الصحي في الأردن. قد يؤدي ذلك إلى تدهور في الحالة الصحية للسكان وزيادة الضغط على المستشفيات والمرافق الصحية.
  9. إهدار الموارد: الانتشار العشوائي للصيدليات قد يؤدي إلى إهدار الموارد الوطنية، حيث تستثمر الأموال والموارد في إنشاء وتشغيل صيدليات لا تساهم بفعالية في تحسين الوصول إلى الأدوية والخدمات الصحية.

تأثير التزايد على معدلات البطالة بين الصيادلة

  1. زيادة العرض على الطلب: التزايد الكبير في عدد الصيدليات يعني أن هناك طلب أكبر على الصيادلة. ولكن إذا لم يتمكن هؤلاء الصيادلة من تحقيق أرباح كافية أو إيجاد وظائف مستقرة في الصيدليات الجديدة، فقد يرتفع معدل البطالة بينهم و الحالة الأخيرة شبه مؤكدة بانخفاض الوارد اليومي للصيدليات مما قد يحد من قدرة صاحب الصيدلية في التوظيف و برواتب تكون مجزية.
  2. ضغوطات على سوق العمل: مع تزايد عدد الخريجين من كليات الصيدلة وفتح المزيد من الصيدليات، قد يتشبع سوق العمل بسرعة، مما يؤدي إلى صعوبة في العثور على وظائف مناسبة للصيادلة الجدد.

اثبتت التجربة العالمية في اعتماد قوانين تنظيمية مختلفة تأخذ بعين الاعتبار التعداد السكاني اكثر من اعتمادها على المسافات مساعدتها على تحقيق توزيع أكثر عدالة وكفاءة للصيدليات:

1.  ألمانيا: تُحدد القوانين عدد الصيدليات المسموح بها بناءً على عدد السكان في كل منطقة. هذا يضمن توفر الخدمة الدوائية لكل مواطن بشكل عادل.
2.  كندا: تعتمد بعض المقاطعات نظاماً يسمح بفتح صيدليات جديدة فقط عندما يتجاوز عدد السكان في المنطقة حداً معيناً، مما يساهم في تحقيق توزيع متكافئ للخدمات الصيدلانية.
3.  المملكة المتحدة: يتم تحديد عدد الصيدليات بناءً على تحليل شامل لحاجة المجتمع المحلي وعدد السكان، مما يضمن توفير الخدمات الدوائية لكل فرد بشكل مناسب.

إن التزايد المتسارع لعدد الصيدليات الفردية في الأردن يعتبر تحدياً يجب معالجته من خلال تحديث القوانين التنظيمية. بالاعتماد على أمثلة عالمية ناجحة، يمكن تبني نهج يعتمد على التعداد السكاني لتحقيق توزيع أكثر عدالة وكفاءة للصيدليات، مما يساهم في تحسين جودة الخدمات الصحية والدوائية المقدمة وتحقيق استقرار اقتصادي أفضل.

Tags

Share this post:

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore
%d مدونون معجبون بهذه: