د. عبدالله بطاح يكتب: ما هو الذكاء الاصطناعي التوليدي؟

د. عبدالله بطاح يكتب: ما هو الذكاء الاصطناعي التوليدي؟


يمثل الذكاء الاصطناعي التوليدي أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي وأكثرها تطوراً وانتشاراً، وهو نوع من تقنيات التعلم الآلي التي تمتلك القدرة على إنشاء بيانات جديدة، مثل الصور والنصوص والمقاطع الصوتية، بناءً على تدريب الإنسان لهذه التقنيات، كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في ابتكار المساعد الافتراضي للمحادثات الإلكترونية وخدمة المتعاملين، أو إنشاء الموسيقى والمحتوى الفني لأهداف تسويقية أو إبداعية وغيرها.


تعتبر شبكات الخصومة التوليدية ) GANs ( أشهر أنواع الذكاء الاصطناعي التوليدي التي ابتكرها إيان جود فيلو وتتكون
من نموذجان من الشبكات العصبية الاصطناعية: الشبكة التوليدية والشبكة التمييزية، حيث تنشئ الشبكة التوليدية البيانات الجديدة، بينا تحاول الشبكة التمييزية مقارنة البيانات الجديدة بالبيانات الحقيقية. ونظراً لتدريب هاتن الشبكتين معاً، تتعلم الشبكة التوليدية إنشاء بيانات لا يمكن للشبكة التمييزية تمييزها عن البيانات الحقيقية وإنشاء صور ومقاطع فيديو عالية الجودة ما يجعلها مختلفة عن النماذج الأخرى.
وتعد أجهزة التشفير التلقائية المتغيرة ) VAEs ( نوعاً آخر من النماذج التوليدية التي تتكون من جهاز تشفير ووحدة فك التشفير، حيث يقوم المشفر بتحويل بيانات الإدخال إلى تمثيل منخفض الأبعاد، ويقوم مفكك التشفير بتحويله إلى بيانات واقعية ويتم تدريب أجهزة التشفير التلقائية المتغيرة على تحسن عملية التحويل إلى الأبعاد المنخفضة لتوليد بيانات جديدة مشابهة لبيانات الإدخال.
وساهمت تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدية في بدء عهد جديد، حيث استفادت منها مجموعة واسعة من القطاعات من خلال إنشاء البيانات لتدريب نماذج التعلم الآلي، وإنشاء الصور ومقاطع الفيديو عالية الجودة والنصوص الإعلانية وحملات التوعية، وإنشاء نصوص المساعدة الافتراضية للدردشة وخدمة المتعاملين. ورغم هذه المزايا، ينبغي على المستخدم مراعاة نقاط القوة والضعف الخاصة بهذه التطبيقات المبتكرة
أهمية المحافظة على خصوصية البيانات
يشر مصطلح المحافظة على خصوصية البيانات إلى حماية البيانات الشخصية من أي طرف لا يجوز له الاطلاع عليها وقدرة الأفراد على تحديد من يمكنه الوصول إلى معلوماتهم الشخصية. وتعتبر المحافظة على خصوصية البيانات الشخصية مفهوماً حضارياً ومطلباً أساسياً لحماية الحقوق واحترام الخصوصية وتعزيز الثقة.
ونظراً لأن الذكاء الاصطناعي التوليدي قائم على البيانات التي يدخلها المستخدمون، ينبغي عليهم الحفاظ على خصوصيتهم في جميع الأوقات، وتجنب إدخال معلومات شخصية أو سرية مثل العنوان أو معلومات الهوية الشخصية أو البيانات المالية لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى الكشف عن معلومات حساسة مثل أرقام الضمان الاجتماعي وأرقام بطاقات الائتمان والمعلومات المتعلقة بالحالة الصحية للمستخدمين، مع إمكانية استخدام هذه المعلومات كذلك لسرقة الهوية أو الاحتيال المالي أو أي أنشطة إجرامية أخرى، إضافة إلى ظهور الإعلانات التي تكشف أموراً شخصية عن المستخدم.
ولتحقيق أعلى مستويات الاستفادة من هذه الثورة التكنولوجية، يجب مراعاة الشفافية عندما يتعلق الأمر بمعلومات الفرد الشخصية لتحسن التجارب الإلكترونية في الفضاء الرقمي وتعزيز البيئة الاجتماعية التي تتمحور حول الإنسان، كونه الركيزة الأساسية للتقدم في مختلف المجالات.

تحديات استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي
في حين أن الذكاء الاصطناعي التوليدي متاح تقنيا في جميع أنحاء العالم، إلا أن إمكانية الوصول إليه واستخدامه قد يختلف اعتماداً على البيئة الاقتصادية والتكنولوجية والتنظيمية لمختلف المناطق الجغرافية، إذ تميل الدول ذات البنية التحتية الرقمية المتقدمة إلى زيادة الوصول إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي، فيا تقود الولايات المتحدة والصن وأوروبا حالياً البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي.
وقد تكون فرص وصول الدول النامية إلى أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي أقل بسبب العوامل التي تشمل البنية التحتية التكنولوجية واللوائح والسياسات مثل القيود التي تتعلق بخصوصية البيانات، ما قد يؤثر على تطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي وانتشاره.
ومن ناحية أخرى، هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تحد من قدرة تشغيل الذكاء الاصطناعي التوليدي على مدار الساعة، مثل الموارد الحاسوبية المطلوبة لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والتي يمكن أن تتطلب قوة معالجة وذاكرة كبيرتين، كما يمكن أن يتسبب استخدام نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي لفترة طويلة تفوق القدرة التشغيلية لأجهزة الحاسوب في ارتفاع درجات حرارتها أو تعطلها.
ويمكن أن تقف تحديات الصيانة والتحديثات عائقاً أما متشغل هذه التطبيقات على مدار الساعة مثل أي برنامج آخر، حيث تحتاج تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى الصيانة والتحديث بانتظام لإصلاح الثغرات وتطوير الأداء، إضافةً إلى أهمية التدريب على البيانات الجديدة بشكل دوري للحفاظ على دقة هذه التطبيقات وفعاليتها.
تحديات جودة المدُخلات أو المخُرجات.. هل هي دائما صحيحة؟
يمكن لبعض مخرجات تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي ألا تكون مثالية، بسبب بنيتها التحتية القائمة على البيانات والتي قد تكون غير صحيحة أو غير محدثة أو ذات طابع انحيازي أو موجودة بهدف الإساءة، ما يتسبب في إنشاء محتوى خاطئ أو غير كامل أو منحاز. وفي بعض الحالات، قد يكون التحيز خفياً وصعب الاكتشاف، ما يؤدي إلى ظهور تحديات إضافية.
ولأن تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكنها فقط إنشاء نص بناءً على الأنماط التدريبية، التي قد لا تكون مفهومة السياق أو المعاني، فقد تنتج نصاً صحيحاً نحوياً لكنه غير دقيق أو مضلل من الناحية الواقعية، ما يجعل إشراف الإنسان أمراً بالغ الأهمية لضمان دقة النص الذي تم إنشائه بواسطة الذكاء الاصطناعي التوليدي.
لكن وفقاً لتقرير صادر عن »IDC« ، من المتوقع أن يصل حجم البيانات التي تم إنشائها حول العالم إلى 175 زيتابايت بحلول عام 2025 مقارنة ب 33 زيتابايت في عام 2018، ما يعزز ويسرع تطوير نماذج ذكاء اصطناعي قوية يمكنها أن تنشئ محتوى أكثر شمولاً وواقعية.
وعلاوة على ذلك، أتاحت تطورات التعلم الآلي وخوارزميات التعلم العميق تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي على مجموعة ضخمة من البيانات. فعلى سبيل المثال، تم تدريب نموذج لغة GPT-3 الخاص ب OpenAI على مجموعة يزيد حجمها على 570 جيجابايت من البيانات النصية، ما يجعلها واحدة من أكثر وأقوى نماذج اللغات حتى الآن.

Tags

Share this post:

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore
%d مدونون معجبون بهذه: