مرتبط
الصيدلانية آية الحليق تكتب عن: الحمى
الحمى هي زيادة درجة الحرارة، وتعتبر من أحد الأعراض الشائعة التي تمثل احدى خطوط دفاعات الجسم.وفي درجات الحرارة المرتفعة، تزداد فعالية الجهاز المناعي للجسم وتتوقف الكائنات الحية الدقيقة عن التكاثر بشكل مكثف.
كيف ذلك؟
لان أعظم نشاط لبروتينات الدفاع يحدث عند درجات حرارة تتراوح من 37.5 درجة مئوية إلى 38 درجة مئوية، لذلك عادة ما تثير الالتهابات الفيروسية والبكتيرية الجسم إلى ارتفاع درجة حرارته بشكل ملحوظ، بسبب تأثير البيروجينات التي تنتجها الكائنات الحية الدقيقة المسببة للأمراض على منظم درجة حرارة جسم الإنسان البيولوجي الذي يقع تحت المهاد والذي يقوم بتحديد درجة الحرارة بدقة عالية، وفي الظروف الطبيعية، يمكنه تبريد الجسم أو تدفئته بشكل فعال.
ويمتلك المنظم الحراري البيولوجي العديد من الأدوات التي يستخدمها بكفاءة عالية لخفض درجة الحرارة أو رفعها، ويتم ذلك، على سبيل المثال، عن طريق تحفيز إفراز العرق بتشغيل العضلات، مما يؤدي إلى إحماء الجسم، وعلى الفور تظهر قطرات من العرق على الجلد، مما يجعلنا نفقد الكثير من الحرارة، فعند ارتفاع درجة حرارة الجسم، تتوسع الأوعية الدموية الموجودة في الجلد بشكل كبير، بفضل تدفق الدم الدافئ الذي يبرد عند ملامسته للبشرة الباردة، ويحدث العكس تماما عندما يكون الجسم باردا، اذ تنقبض الأوعية الدموية بحيث لا يبرد الدم المتدفق من خلالها.وان عملية إعادة ضبط منظم الحرارة تحت المهاد معقدة للغاية.
أولاً، اذ يتم إطلاق البيروجينات الخارجية في الجسم، والتي قد تكون سمومًا بكتيرية، وغالبًا ما تكون سمومًا داخلية، بالإضافة إلى أجزاء من البكتيريا والفيروسات والفطريات وبعض الأدوية (لا يمكنها اختراق الدماغ) وتؤثر بشكل مباشر على مركز التنظيم الحراري في منطقة ما تحت المهاد، تحت تأثيرها، يتم إنتاج ما يسمى بالبيروجينات الداخلية، والتي تشمل الإنترلوكينات والبروستاجلاندين. إن البيروجينات الداخلية هي التي تحوّل درجة الحرارة مباشرة على منظم الحرارة تحت المهاد إلى مستوى أعلى، وبعد ذلك يبدأ الجسم في إنتاج الحرارة، والتي تتجلى في الشعور الأولي بالبرد والارتعاش، حتى يتم الوصول إلى درجة حرارة أعلى. يمكن قياس درجة حرارة الجسم في أماكن مختلفة من الجسم، وأكثرها شيوعاً هو الإبط. تتراوح درجة حرارة الجسم الطبيعية في هذا المكان بين 36-37 درجة مئوية.
تحدث حالة الحمى المنخفضة عندما تكون درجة الحرارة قيمة بين 37.5-38 درجة مئوية، وتحدث حمى معتدلة في نطاق 38-39 درجة مئوية، وفوق 39 درجة مئوية نتعامل مع حمى شديدة.
يمكن أن تتغير الحمى بسرعة كبيرة وتتخذ أشكالًا مختلفة. عادة لا تتطلب الحمى المنخفضة الدرجة والحمى المعتدلة تدخلًا دوائيًا عاجلاً وقد تعزز عملية الشفاء.
يتغير الوضع بشكل كبير عندما تصل درجة الحرارة إلى مستوى أعلى من 39 درجة مئوية، عندها يفقد الجسم الكثير من قوته، وهذا الحدث يمكن أن يعقد بشكل كبير عملية مكافحة الكائنات الحية الدقيقة المسببة للأمراض، وعلى فترات أطول قد تحدث أضرار جسيمة في الجهاز العصبي والدورة الدموية.
في الحمى الشديدة 41.5 درجة مئوية هي حمى خطيرة اذ تسبب تغيرات لا رجعة فيها في البروتينات التي يتم تشويهها، مما يؤدي إلى الوفاة.
الأطفال الصغار هم الأكثر عرضة لخطر المضاعفات الناجمة عن ارتفاع درجة الحرارة وقد يتعرضون لنوبات، وضعف في الوعي، وحتى غيبوبة، وقد تنطبق مخاطر مماثلة على الأشخاص البالغين الذين يعانون من أمراضوحالات معينة كالدورة الدموية والحوامل وكبار السن.
طرق علاج الحمى :
– في حال تجاوز درجة الحرارة 38.5 درجة مئوية، فيجب تناول مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، هذه خطوة مهمة للغاية لأن مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية تعيد “إعداد منظم الحرارة” المناسب لمنطقة ما تحت المهاد.
– في حالة الارتفاع المستمر في درجة حرارة الجسم، يجب خفض درجة حرارة الجسم باستخدام الكمادات الباردة أو الاستحمام لا ينبغي المبالغة في استخدام الثلج للكمادات، فالاستحمام في درجة حرارة أقل من 10 درجات مئوية يكفي أيضًا الكمادات التي يجب أن توضع على الفخذ أو الإبط، وليس على الرأس أو الرقبة كما يفعل كثير من الناس عن طريق الخطأ.ويعد استخدام الأدوية الخافضة للحرارة أمرًا شائعًا في فصلي الخريف والشتاء.
اذ ان الجملة الاكثر انتشارا لدى المرضى عند تواجدهم في الصيدليات “أريد الدواء الأقوى والأكثر فعالية والأسرع الذي سيشفيني من البرد أو الأنفلونزا في مساء واحد”. نعم، يخفضون درجة الحرارة ويخففون الألم، لكنهم لا يستهدفون السبب الأساسي لذلك، اذ لا ينبغي أن تتوقع حدوث معجزة، ففي نهاية المطاف، يحارب الجسم سبب المرض أو يتم مساعدته بواسطة أدوية أخرى، مثل المضادات الحيوية.
منذ عدة سنوات، نلاحظ ان الادوية الاكثر استخداما هي الباراسيتامول والإيبوبروفين ، حيث يوصي بها الصيدلي ، كونها الأكثر أمانًا .هناك مستحضرات اخرى لمحاربة الحمى مثل مستحضر السكوربولاميد، للأطفال دون سن 12 عامًا، لتجنب خطر حدوث مضاعفات خطيرة مثل متلازمة راي، وهي مضاعفات نادرة ولكنها خطيرة جدًا.
غالبًا ما تصاحب مشكلة ارتفاع درجة الحرارة الأمراض الفيروسية لدى الأطفال، ومن أشهرها جدري الماء. جدري الماء هو مرض فيروسي والذي غالبًا ما يصيب الأطفال دون سن العاشرة ، حيث يصاحب هذا المرض ارتفاع في درجة الحرارة، غالبًا ما يزيد عن 39 درجة مئويةوطفح جلدي أيضًا ،يمكن أيضًا أن تكون الكمادات الباردة قليلاً فعالة ويجب وضعها على الفخذ أو تحت الذراعين.
في السنوات الأخيرة، أظهرت الدراسات أن استخدام الإيبوبروفين كدواء خافض للحرارة قد يرتبط بشكل كبير بزيادة خطر حدوث مضاعفات جلدية بعد جدري الماء، في مثل هذه الحالة، يظل الباراسيتامول هو الدواء المفضل لخفض الحمى لدى الأطفال المصابين بالجدري المائي، ومن الجدير بالذكر أن الباراسيتامول يتميز بمؤشر علاجي مرتفع، مما يعني وجود تباين كبير بين الجرعة العلاجية والجرعة السامة لهذا الدواء في هذه الفئة العمرية، وتبلغ الجرعة السامة 7.5 مرة أعلى من الجرعة العلاجية، مما يعني أن الباراسيتامول يمكن اعتباره دواء آمنا عند الأطفال، كما أن عدم تطوير بعض إنزيمات الكبد لدى الأطفال بشكل كافٍ يجعل الباراسيتامول أقل ضررًا عليهم مقارنة بكبار السن.
ونتمنى السلامة للجميع
كاتب المقال الصيدلانية د. آية الحليق