د مريم الدجاني تكتب: لماذا لا نجد صيدلانيات في مناصب صنع القرار في نقابة الصيادلة؟!

د مريم الدجاني تكتب: لماذا لا نجد صيدلانيات في مناصب صنع القرار في نقابة الصيادلة؟!

رغم أن مهنة الصيدلة تضم عددًا كبيرًا من النساء، إلا أن تمثيلهن في المناصب القيادية داخل نقابة الصيادلة لا يزال ضعيفًا. تواجه الصيدلانيات تحديات معقدة تمنعهن من الوصول إلى مراكز القرار، وهي تحديات تمتد من الضغوط الاجتماعية والعائلية إلى العقبات المؤسسية والثقافية المتجذرة في المجتمع.

أولا البيئة التنظيمية: تعاني النقابات المهنية من أسس اختيار للمرشحين تتحكم بها عوامل مختلفه تكاد تكون المقومات المهنية في آخرها مما يؤثر على مسار الانتخابات والترشيحات، وغالبًا ما يكون للسياسات المتبعه دور غير مباشر في تعزيز الأدوار التقليدية للمرأة بدلاً من دعمها للوصول إلى المناصب القيادية. إضافة إلى ذلك، فإن التشريعات النقابية، وإن كانت تبدو محايدة ظاهريًا، إلا أنها في بعض الأحيان تفرض شروطًا غير مباشرة تعيق مشاركة النساء، مثل ضرورة الانتساب أوالخبرة في قطاعات معينة أو اشتراطات زمنية تتعارض مع مسؤوليات النساء الأسرية. كذلك وجود العائق المادي حيث أنه من المتعارف عليه أن يضطر المرشح إلى تمويل حملته الانتخابية بشكل شخصي أو من خلال الجهة الداعمة له مثل التيارات النقابية الموجودة على الساحة. و هذه التيارات عادة ما تقصي المرأة من قوائمها و لا تعول عادة على العنصر النسائي في ذلك مع أنها ذاتها تستغل العنصر النسائي في الهيئة العامة لتنجح في الانتخابات، وفي هذا انتقائية مجحفة بعيدة كل البعد عن أخلاقيات المهنة والمجتمع.

ثانيا: الضغط العائلي والمجتمعي: تلعب الضغوط الأسرية والمجتمعية دورًا رئيسيًا في تقليص فرص الصيدلانيات في الترشح لمجلس النقابة أو المناصب القيادية الأخرى. يُنظر إلى العمل النقابي على أنه يتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين، وهو ما يتعارض مع التوقعات المجتمعية التقليدية بأن المرأة يجب أن تعطي الأولوية لعائلتها. وفي كثير من الأحيان، تواجه النساء ترددًا من قبل أُسرهن أو أزواجهن بشأن خوض غمار العمل النقابي، خشية أن يؤثر ذلك على “واجباتها” العائلية، بينما لا يُطرح هذا التساؤل على الرجل، مع أن العديد من الدراسات تثبت قدرة المرأة على تعدد المهام على عكس الرجل.

ثالثا: أغلوطة عدم قدرة النساء على القيادة: من أبرز العوائق الفكرية التي تواجه النساء في النقابات المهنية هو الادعاء بأن المرأة غير قادرة على تحمل المسؤوليات القيادية بسبب طبيعتها العاطفية أو ضعفها في اتخاذ القرارات الحاسمة. هذه النظرة النمطية، رغم عدم صحتها، لا تزال مؤثرة في تشكيل آراء الناخبين وحتى في إحباط النساء أنفسهن عن الترشح. حيث يتم التشكيك في قدرة الصيدلانية على إدارة النقابة وكأن القيادة تتطلب صفاتا ذكورية بحتة، مع تجاهل الأدلة التاريخية والواقعية التي تثبت كفاءة النساء في مختلف مواقع القيادة.

رابعا: إفشال أي محاولة للوصول: في حالات عديدة، حتى عندما تحاول الصيدلانيات خوض التجربة والترشح لمناصب قيادية، يواجهن عراقيل ممنهجة تهدف إلى إفشالهن. قد يكون ذلك عبر التشكيك في مؤهلاتهن، ونشر الإشاعات حول قدراتهن، أو حتى ادعاء النفوذ لإقصائهن من المشهد النقابي. تتعرض النساء أحيانًا لحملات تشويه متعمدة، وكأن وصول امرأة إلى مجلس النقابة يمثل تهديدًا لبعض التقليدين المتمسكين بالكراسي .

خامسا: ربط فشل المرأة بجنسها وليس بقدراتها الفردية: من أكبر المفارقات التي تواجهها الصيدلانيات عند محاولتهن الوصول إلى المناصب القيادية أن أي تعثر أو إخفاق يُعزى فورًا إلى كونها امرأة، وليس إلى ظروف موضوعية أو قرارات خاطئة مثلما يحدث مع الرجال. عندما يفشل رجل في منصب نقابي، يتم تحليل فشله بناءً على أدائه الشخصي، بينما يُستخدم فشل المرأة كدليل إضافي على “عدم كفاءة النساء” في العمل القيادي، مما يعزز الدائرة المغلقة من التمييز والتحيز ضدهن.

السؤال هنا كيف يمكن تمكين الصيدلانيات في العمل النقابي ضمن كل التحديات القائمة؟

من أهم الخطوات العملية التي يجب اتخاذها:

  1. وضع معايير قبول متفق عليها والتي تؤهل الصيدلاني إن كان ذكرا أم أنثى للتواجد في مواقع صنع القرار، لضمان وجود الشخص المناسب في المكان المناسب.
  2. تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية مشاركة النساء في العمل النقابي ودورهن في اتخاذ القرار.
  3. إصلاح السياسات الداخلية للنقابة لضمان بيئة عادلة تمنح الجميع فرصًا متكافئة للترشح والوصول إلى المناصب القيادية.
  4. بناء شبكات دعم نسائية لمساندة الصيدلانيات الطموحات وتوفير التدريب والموارد اللازمة لتمكينهن.
  5. مواجهة الخطاب التمييزي ضد المرأة في العمل النقابي والتأكيد على تقييم الأفراد بناءً على الكفاءة وليس الجنس.
    إن وصول الصيدلانيات إلى مناصب القرار ليس مجرد مطلب نسوي، بل هو ضرورة لضمان تمثيل حقيقي وشامل لمهنة الصيدلة، بحيث تعكس القيادة التنوع الحقيقي في المجتمع وتخدم المصلحة العامة بعيدًا عن التحيزات والممارسات الإقصائية. وقد أخذنا على عاتقنا في تجمع منتدى صيدلانيات الأردن العمل لتمكين المرأة الصيدلانية لمساندتها لتصبح موجودة في مواقع صنع القرار، وهذا لن يتحقق دون تكاتف جميع الصيدلانيات في الهيئة العامة، جنبا إلى جنب مع الصيادلة الذكور أيضا ممن يؤمنون بأهمية وجود مستقبل مهني أفضل للجميع في وطننا الأردن.

د مريم الدجاني
عضو الهيئة الإدارية في تجمع منتدى صيدلانيات الأردن

Tags

Share this post:

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore
%d مدونون معجبون بهذه: