مرتبط
قبل 100 عام : محلات العطارة تـُـنافس الأطباء والصيادلة في إربد

نقلا عن صحيفة الدستور الاردنية ـ جولة في ذاكرة الوطن ـ اعداد زياد ابو غنيمة
لم يكن من السهل على أطباء وصيادلة إربد على قلـَّـتهم في عقود النصف الأول من القرن العشرين المنصرم أن يكسبوا ثقة أهالي إربد وجوارها أمام ما كان الأهالي يولونه من ثقة للعطـَّـارين الذين كانوا يمارسون الطب الشعبي ويبيعون في دكاكينهم مواد العطارة من نباتات وأعشاب طبية تحت مُسمَّـى تجارة»العطارة»، بل إن المُدهش أن بعض الأهالي كانوا ينصرفون عن الأطباء وعن العطـَّـارين معا إلى بعض المُشعوذين ليداووا أمراضهم بطلاسم وشخابيط لا يفهمها حتى الذين يكتبونها ويُسمُّـونها»حُجُبْ»»مفردها حجاب»، وكانت محلات العـِـطارة التي تبيع الأعشاب والنباتات الطبية تـُـنافس العيادات الطبية والصيدليات على قلـَّـتها آنذاك، وكانت مواد العطارة تـُباع في المحلات التي كانت تـُـعرف بمحلات»مال القبَّـان»وهي الدكاكين التي تـُتاجر بالمواد التي تـُباع بالوزن كالحبوب بأصنافها وخاصة القمح والطحين والأعلاف والأرز والسُكـَّـر والشاي والبن»القهوة»والبهارات والمُكسَّـرات والفاكهة المجففة والسمن والزيت والصابون وغيرها من المواد المشابهة، ومن الأرجح أن أقدم المُـتعاملين في تجارة مواد العِـطارة من نباتات وأعشاب طبية في إربد في بدايات العشرينيات كانوا من التـُـجَّـار الشوام وأقدمهم الحاج محمود أحمد جمعة وقريبه الحاج سعيد جمعة والشقيقان عبد الهادي وإسماعيل ظاهر بيبرس وقد بدأوا التعامل في تجارة العطارة في زمن متقارب في الثلاثينيات، وكانت دُكـَّـان المال قبـَّـان الخاصة بالحاج محمود جمعة ذات البابين في الواجهة المُطلـَّـة على الشارع الهاشمي لعمارة جمعة المُقابلة لعمارتي جمعة وأبورجيع اللتين كانت تـُشغلهما محكمة إربد، أما دُكـَّـان المال قبَّـان الخاصة بالحاج سعيد جمعة فكانت في عمارته المُقابلة لدُكـَّـان تاجر السلاح الشامي أسعد شرار ودُكـَّـان التاجر الشامي رضا غنـَّـام، أما دُكـَّـان الشقيقين عبد الهادي وإسماعيل ظاهر بيبرس فكانت في عمارة الحاج محمود جمعة أيضا، وبعد وفاة الحاج محمود جمعة انتقلت دُكـَّـانه إلى ولديه أحمد ومحمد، واستمرُّوا جميعا في بيع مواد العطارة إلى جانب مواد مال القبَّـان إلى أن أفتتح الحاج إسماعيل ظاهر بيبرس في الأربعينيات أول محل ٍ مُـتخصـِّـص ببيع مواد العطارة في دُكـَّـان في زاوية الطابق الأرضي لعمارة الحاج محمود جمعة في الشارع الهاشمي، وفي عام 1995 ثم بقيت الدُكَّـان تبيع مواد العطارة بإدارة أحمد إبن الشيخ بركات الحريري الذي كان يتناوب الإمامة والخطابة في الجامع الشرقي الكبير مع الشيخ سليمان الطيبي بعد أن انتقل الحاج إسماعيل بيبرس دُكـَّـانه المُتخصِّــصة بالعطارة إلى دُكـَّـان آخر قريب من سوق الصاغة مجاور لخان حـِـدُّوالشهير، ثمَّ قام بكره الضابط المتقاعد محمد إسماعيل بيبرس بتوسيع دُكـَّـان العطارة بضم جزء من خان حدُّوبعد ترميمه لتتحول جدران الخان الشاحبة التي تآكلت من العفن إلى جدران نظيفة تتناثر فوق رفوفها قطرميزات البهارات والعطارة والمواد الغذائية حتى تكاد تـُحسُّ وأنت تدخله أنك في أشهر محلات العطارة في سوق البزورية في دمشق الشام، وبعد انتقال الحاج محمد محمود جمعة إلى عمَّـان ليصبح من كبار تـُجَّـارها تمَّ فصل دُكـَّـان مال القبَّـان ذات البابين إلى دُكـَّـانين واحدة مُخصَّـصة للعطارة والأخرى لتجارة مال القبَّـان لا تزالان تـُشغلان نفس المكان في عمارة جمعة في الشارع الهاشمي بإدارة الحفيد الحاج ممدوح أحمد محمود أحمد جمعة، وقد بقي أكثر اعتماد أهالي إربد وجوارها لسنوات طويلة على الطب الشعبي وعلى العطـَّـارين، وعلى الرغم من تزايد عدد الأطباء وعياداتهم والصيادلة وصيدلياتهم في إربد حتى أصبحت بالمئات فإن تجارة مواد العطارة ما زالت تجد لها سوقا رائجة لدى أهالي إربد وجوارها من خلال العديد من الدكاكين المُتخصِّـصة بمواد العطارة.