د. راتب الحنيطي يكتب : معضلة تاريخ انتهاء صلاحية الادوية

 نقلا عن صفحة الزميل د. راتب الحنيطي على الفيسبوك 
هل ينصح باستخدام الدواء بعد اتهاء فترة الصلاحية ؟ وهل يتحول الى مواد سامة ؟
يعتقد كثير من الناس ان الدواء يتحول بشكل مفاجئ الى مواد سامة عند انتهاء تاريخ صلاحيته او فقدان كامل فعاليته، وبالتالي يتم اتلاف جميع ما لديهم من ادوية انتهت صلاحيتها. ولا تقوم المؤسسات الحكومية او الجهات المسؤلة عن الرقابة الدوائية في البلدان بطلب اعادة فحص الادوية التي تطرح في الاسواق لغاليات تمديد فترة الصلاحية ،ربما للاسباب التالية :
1 – لان شركات الادوية عادة لا تقوم باجراء دراسات الثبات على ادويتها بعذ نفاذ تاريخ الصلاحية، لان ذلك يتطلب منها المزيد من الدراسات ليس على المادة الدوائية فقط بل على جميع المواد الكيميائية الداخلة في تركيبة الشكل الصيدلاني للدواء ، لانها مواد كيميائية مثل الادوية تتعرض للتحلل و تشكل مصدر خطورة وبالتالي تحتاج الى اعادة تقييم من حيث سلامتها على صحة الانسان .
2 – لا ترى شركات الادوية ان السوق التجاري له أسباب منطقية لتمديد فترة الدواء مقارنة بمؤسسات الخدمات الطبية والتي يكون لديها مخزون عالى من الادوية مثل وزارة الصحة والخدمات الطبية العسكرية والذي يستحق عمل فحوصات على مخزون الادوية لديها وزيادة اضافية على فترة الصلاحية المدونة تجنبا للاعباء المادية المترتبة من جراء اتلاف الادوية واستبدالها باخرى حديثة الصنع .
ان لدى ادارة الغذاء والدواء الامريكية مجموعة من الاسس التي تضمن ثبات ووفعالية الدواء حتى نهاية فترة صلاحيته التي تمثل بداية احتمالية قلة فعالية الدواء وزيادة ضرره ، ولكن كما اشرنا لا يوجد تاريخ محدد يبين خراب الدواء لان ادارة الغذاء والدواء لا تطلب فحص الادوية من اجل الاستعمال الطويل للادوية ، وقد تبين من الدراسات بان هناك ادوية تمتلك تاريخ صلاحية اطول من التاريخ المصرح على عبوة الدواء ، وانها غير مؤذية وتحتفظ بالكثير من فعاليتها الدوائية على الاقل من سنة الى سنتين ، ضمن ظروف التخزين الخاصة بها . غير انه لايوجد دراسات مثبتة تبحث في تحولات كيميائية سامة للدواء او باقي مكونات المستحضر الصيدلاني للدواء الكيميائية ، الا الورقة العلمية عام 1964م التي تحدثت عن استخدام دواء تتراسكلين tetracycline منتهي الصلاحية وألحق الاذى بالكلى ، وقد فسر هذا نتيجة التحول الكيميائي chemical biotransformation لهذه المادة .
هناك اراء من منظمات صحية كثيرة حول استخدام الدواء بعد نفاذ صلاحيته ، لكن هناك تشديد على بعض الادوية وعدم استخدامها منها ما ثبت قلة سلامته وفعاليته من دراسات SLEP مثل دواء انسولين ومضادات الادوية للاطفال وبعض الحقن الطبية ، ومنها الادوية ذات النطاق او النافذة العلاجيه الضيقة narrow therapeutic index وهذه تتميز بقرب تركيزها الفعال مع تركيزها الذي يظهر عنده الاثار الجانبية للدواء ، وهذا النوع من الادوية تستخدم عادة لعلاج الامراض المزمنة مثل امراض القلب واجهزته الوعائية والسكري والصرع ، وغيرها ، ومثالها دواء digoxin ، و phenytoin و gentamicin ، وغيرها. والتي عادة تكون تراكيزها في المستحضرات الدوائية اكثر انضباطا ودقة .
اما الادوية ذات النطاق العلاجي الواسع broad therapeutic index ، بمعنى هناك تباعد واسع بين الجرعة الفعالة والسامة ، وتشمل ادوية كثيرة ، وهذا النوع من الادوية يمتلك درجة أمان عالية على الجسم ، الامر الذي يجعل من هذه الادوية ردود متباينة من حيث استخدامها او عدمه بعد نفاذ مدة صلاحيتها.
بالرغم من ذلك فان الجهات الرسمية في أي بلد لا تحبذ استخدام الدواء بعد انتهاء فترة صلاحيته ، لاسباب كثيرة ، منها عدم ضمان حفظ الدواء ضمن شروطه المنصوص عليها ، فقد يضع بعض المرضى ادويتهم في امكنة داخل خزائن المطبخ مما قد يعرض الدواء الى الرطوبة والحرارة ، او في وسائل النقل ، الخ وهذه عوامل بيئية غير مناسبة لحفظ الدواء لانها تسرع من خراب الدواء وباقي مكونات المستحضر الدوائي الكيميائية الاخرى. علاوة على ذلك وكما اشرنا لا توجد دراسات تبين مدى سمية المستحضر الدوائي الناتجة من مكوناته الكيميائية المختلفة على المدى البعيد .