د.راتب الحنيطي يكتب : أدوية الغفلة أو الأدوية الوهمية

د.راتب الحنيطي يكتب : أدوية الغفلة أو الأدوية الوهمية


هذا النوع من الادوية له علاقة بالمصطلحين المتناقضين Placebo and Nocebo
الاصل لهذين المصطلحين أن لهما جذورا في اللغات القديمة ( اللاتينية ) ، فالمعنى الحرفي لمفهوم Placebo ، هو سوف أكون أفضل I shall please ) (، لان اصل المفهوم من أصل كلمة Placere اللاتينة والتي تعني to please ، شئ يدعو للرضا والاطمئنان في النفس .
وهذا المفهوم ظهر بعد منتصف القرن الثامن عشر، ليدل على الدواء الوهمي الشبيه بالدواء الاصلي من حيث شكله الصيدلاني، لكن لا يحتوي على المادة الدوائية الفعالة، والتركيز على اخفاء هذه المعلومة عن المريض او الشخص الذي يتناوله،واستغفاله بأن الدواء فعال وشافيا للحالة المرضية ( ومن هنا جاءت تسمية هذه الادوية بادوية الغفلة). وهذا سوف يؤدي الى شعور أو توقعات أيجابية positive expectations تنعكس على حالة المريض ويتولد لديه شعور باطمأنينة pacify) (بالشفاء.
كما حدث أثناء الحرب العالمية الثانية عندما قام Dr. Henry Knowles Beecher ( 1904 – 1976 ) باعطاء الجنود المصابين حقن تحتوي على محلول ملحي normal saline وقال لهم بأن هذه الحقن تحتوي على المورفين الذي يزيل الالم ، وكان الهدف هو طمأنة الجنود وشعورهم بالراحة النفسية الايجابية ريثما يتم نقلهم الى المستشفيات، ولذلك يعتبر د. هنري من أوائل الباحثين في مجال العلاج بالدواء الوهمي.
وبالرغم من أن المعالجة بالدواء الوهمي هي معالجة مزيفة fake treatment ،لا تشفي المرض وانما تمنح الطمأنينة، الا انه في بعض الحالات قد تؤدي الى معالجة حقيقية، وخصوصا في مجال تخفيف الألم.
لقد بدأ حديثا استخدام الدواء الوهمي كأساس في تقييم فعالية الادوية المكتشفة في التجارب المحكمة (randomized placebo controlled trial (RCT) ، حيث تعطى هذه الادوية بعد تقسيم المشاركين في الدراسة الى مجموعتين ، يتبادلوا بأخذ الادوية في عملية يطلق عليها التعمية المزدوجة ( double blinding) . بمعنى أن الذي يعطي الدواء والشخص المعطى له الدواء لا يستطيعوا أن يمييزوا بينهما.
أما المصطلح Nocebo من اللغات اللاتينية فمعناه الحرفي هو ( أنا سأكون مريضا ) I will be harmful .وهذا يأتي عند اعطاء المريض دواء أو طريقة علاج غير مؤذية ( مثل دواء وهمي ) وبتسبب بحدوث أعراض سلبية مزعجة للمريض أو الشخص السليم، ربما لاسباب نفسية أو توقعات سلبية negative expectations من قبل الشخص ، تماما على عكس placebo.
ظهر مفهوم nocebo في العام 1961م، وله علاقة بظهور التأثيرات السلبية التي ربما لا ترتبط بعلاقتها مع الدواء الحقيقي، ولكن اعلام ومعرفة المريض بهذه التأثيرات السلبية التي من الممكن أن يعاني منها ، تجعله يتنبأ أو يتوقع حدوثها ن ومثال ذلك المعالجة بأدوية Statins التي تحمي القلب وأجهزته من تأثير الدهون ،فهذه الادوية تسبب تقلصات في العضلات وهذا هو سبب انقطاع المرضى عنها ، بالرغم من أن الدراسات لم تجد فروقات تذكر في هذا العرض الجانبي بين من يأخذ الدواء الوهمي والدواء الحقيقي، بل على العكس من ذلك ،فلقد أشارت الدراسات الى أن معرفة المريض بهذا الامر عن طريق الطبيب أو وسائل الاعلام ن جعلت كثير من المرضى يعزفون عن أخذ الدواء ، وهذا أدى الى ارتفاع ملحوظ في اصابة المرضى باعتلالات قلبية نتيجة لذلك.

Tags

Share this post:

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore
%d مدونون معجبون بهذه: