3750 مرضًا عالميًا تحتاج لاكتشاف أدوية لها بأسرع طرق

3750 مرضًا عالميًا تحتاج لاكتشاف أدوية لها بأسرع طرق

أربعة آلاف.. هو عدد الأمراض التي اكتشفها الأطباء حتى الآن وتعرفوا على أسبابها، ولكن ولسوء الحظ فإنه لم يتم اكتشاف علاج سوي لـ250 مرضًا منها، ما السبب في تأخر اكتشاف العلاجات المناسبة لباقي الأدوية؟، ومتى سيصل العلماء إلى علاجات فعالة لهذه الأمراض؟، ما العراقيل والمشاكل التي تؤخر اكتشاف العلاجات؟، وما دورة إنتاج علاج فعال لمرض ما؟ حسنًا لنحلق سويًا في رحلة سريعة في عالم الأدوية.

الصورة على اليمين للطفل “داني بيسيت” المريض بالتليف الكيسي، التقطت هذه الصورة عام 1989، وهو العام الذي اكتشف العلماء الجزيئات المسببة للمرض، الصورة على اليسار للشخص نفسه “داني بيسيت” بعد 23 سنة، هذه هي السنة التم تزوج فيها داني وحصل العلماء -للمرة الأولى- على موافقة هيئة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) على الدواء الذي يستهدف بدقة مرض التليف الكيسي بعدما وصل عمره إلى 23 عامًا، وهو العام الذي تزوج فيه، فقط في هذا العام تم اكتشاف علاج المرض، هذا هو الخبر السار، الخبر السيئ هو أن هذا الدواء لا يعالج كل حالات مرض التليف الكيسي، وهو لا ينفع لحالة “داني”، وما زلنا ننتظر للجيل القادم من الدواء ليقوم بمساعدته، لعلك تتساءل الآن لماذا أخذ اكتشاف الدواء كل هذه الفترة وكيف يمكن اختصار هذا الوقت الطويل.

تبدأ رحلة إنتاج الدواء من تركيب عدد معين من المركبات الكيميائية المعروفة والثابتة سويًا، ولكن شكل هذا التركيب هو ما يجعل هذا الدواء فعالًا لعلاج مرض معين، أو علاج مرض آخر، أو يجعله غير فعالًا على الإطلاق، حسنًا مئات وآلاف التجارب تجرى لتركيب المركبات الكيمائية معًا، ينتج عن هذه التجارب عشرات الآلاف من المركبات التي تتقلص سريعًا عبر مراحل الفلترة المختلفة، يتقلص العدد عند التجربة السريرية إلى أربعة أو خمسة مركبات فقط، وإذا سارت العملية بشكل جيد فقد يحصل العلماء على تصريح لدواء واحد بعد 14 سنة من بداية التجارب وبتكلفة مليار دولار تقريبًا لهذا النجاح الوحيد.

هناك حلان لهذه المشكلة، يطرحهما الدكتور فرانسيس كولينز، المتخصص في علم الوراثة، الحل الأول هو استخدام الهندسة الجينية للمساعدة في اكتشاف العلاجات المناسبة؛ معروف أن الجينات الموجودة على الـحمض النووي هي المكان الذي يسجل فيه كل الخصائص والصفات البشرية التي تترجم لاحقًا إلى واقع ملموس، ولفترة طويلة كان فك شفرة الحمض النووي معضلة صعبة، ولكن من حسن الحظ أن العلماء استطاعوا فك لغز وشفرة الحمض النووي مؤخرًا، بل أصبح بإمكان أي شخص في الولايات المتحدة أن يحصل على تسلسل الجينات الخاص به مقابل مبلغ أقل من عشرة آلاف دولار، ومن المتوقع أن يصبح مقابل ألف دولار فقط قريبًا.

استخدام الهندسة الوراثية في العلاج له مستقبل واعد؛ فقد تم اكتشاف طريقة فعالة لعلاج بعض الأمراض المستعصية، هذه الطريقة تعتمد فقط على حقن جزء من الجينات السليمة داخل خلايا الإنسان المريضة لتتحول بطريقة مبهرة إلى خلايا سليمة تمامًا.

هناك مشكلة يجب التوقف عندها؛ وهي التجارب الأولية للأدوية المكتشفة حديثًا؛ حيث إن هذه التجارب تتم أولًا علي الحيوانات كالفئران والقرود، ولكن هذه الطريقة لا يمكن الاعتماد عليها، وهي مكلفة أيضًا وتستغرق وقتًا طويلًا، ثم بعد ذلك يتم الانتقال إلى التجربة على المرضى المتطوعين، وهذه مرحلة خطيرة؛ حيث إننا في البداية لا نعلم ما التأثير السلبي الذي قد يسببه هذا العلاج، ثمة حل فعال يطرحه الدكتور كولينز؛ وهو استخدام طريقة زرع عينات من الخلايا البشرية في المعمل التي ثبت أنها من الممكن أن تنقسم وتتكاثر خارج جسم الإنسان وإجراء تجارب الأدوية على هذه الخلايا والأنسجة المزروعة في المعامل الطبية بدلًا من التجارب على المرضى مباشرة، هذه طريقة فعالة وآمنة كما يقول الدكتور كولينز الذي يدعو إلى اعتمادها كطريقة أساسية بدلًا من مرحلتي تجارب الحيوانات والمرضى.

الحل الثاني الذي يطرحه الدكتور كولينز للإسراع من عملية إنتاج الدواء، هو إعادة تجربة الأدوية التي تم اختراعها، ولكنها أثبتت عدم فعاليتها في علاج المرض الذي كان يرغب العلماء في علاجه بهذا الدواء، إعادة تجربة هذه الأدوية في علاج الأمراض العديدة الأخرى ربما ينجح أحد هذه الأدوية المكدسة في المعامل في علاج مرض غير الذي كان يسعى العلماء لعلاجه، يخبرنا الدكتور كولينز أن هذا هو ما حدث بالفعل في اكتشاف أول دواء لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية “إيدز” الذي يكن مطورًا لفيروس نقص المناعة البشرية “إيدز”. كان يتم تطويره لعلاج السرطان. وهو دواء “إيه زد تي” ولكنه لم يكن فعالًا بشكل جيد لمرضى السرطان، لكنه أصبح أول عقار ناجح كمضاد للفيروسات.

نداء أخير يطرحه الدكتور كولينز، وهو العمل على إنتاج شراكة بين المؤسسات الأكاديمية والحكومة والقطاع الخاص؛ بحيث تتكون شبكة كبيرة لإنتاج الدواء، وإذا كانوا لا يرغبون في ذلك فعلينا توقع آلاف القصص مثل قصة “داني بيسيت”.

 

نقلا عن شبكة رصد

Tags

Share this post:

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore
%d مدونون معجبون بهذه: