مرتبط
الصيدلاني بهاء ذيب يكتب: أخلاقيات العمل المهني

مدير وحدة الأعمال لسوق الاردن
شركة مخابر ميديس و نيابوليس فارما / مستودع الادوية المهني
العمل ضمن وظيفة معينة لا يتعلق بعدد الساعات أو المهام الموكلة إلى صاحبها فقط، بل أن الأمر يتسع ليشمل منظور هذا العامل اتجاه الوظيفة والمنظور الأخلاقي والمهني لكيفية أدائها؛ فلا يهم قيامك بـ 100 عملية بيع ناجحة، إذا كان المنتج نفسه منتهى الصلاحية، ولا يهم حديث مواقع التواصل الإجتماعى عن براعتك في تشخيص الأمراض المستعصية، إذا كنت بالفعل تستغل كشوف المرضى كدراسات حالة، فكل هذه الأمور رغم براعتك في أدائها، ورغم نظام عملك وإثباته بشكل صحيح، إلا أنها جميعًا تفتقر إلى أهم عناصر العمل الإحترافي وهى …. أخلاقيات العمل المهني.
أخلاقيات العمل المهني أو اخلاقيات المهنة هي الضمير الحى للعمل الاحترافي، بحيث لا يقتصر أداء الأعمال على استيفاء الحد الأدنى من مسؤلياتها فحسب، بل يعتمد على منظومة الصواب مقابل الخطأ وتأثير هذا الفعل على الفرد والشركة والمجتمع التابع له المنظومة.
أى أن مفهوم أخلاقيات المهنة هو مجموعة من النقاط التي اتفق عليها أعضاء المهنة أو الشركة الواحدة، بحيث تنظم حقوقهم وواجباتهم، وتنظم التعامل بين بعضهم البعض، وبينهم وبين المجتمع المحيط.
يمكن وصف اخلاقيات المهنة أيضًا بكونها مجموعة من القواعد والسلوكيات التي تنظم عمل الفرد داخل المؤسسة، بحيث تدرس التبعات الأخلاقية الخاصة بالفرد ونتائجها على الدوائر المحيطة به، كأن يقوم دكتور بأفشاء أسرار مريض، أو أن يستلم الموظف رشوة لتسهيل الإجراءات، أو أن يستغل إعلامى منبره في شحن المجتمع نحو شخصية يجمعه معه خصومة، أو يقوم مدرس بنشر درجات تلاميذه الضعفاء، أو أن ينقل موظف أسرار زميله إلى المدير أو الزملاء الآخرين.
يخلط الكثير ما بين الاخلاق الشخصية وأخلاقيات المهنة، إذا يظن البعض أن ماهما إلا مترادفان لنفس المعني، لكن في الحقيقة هذا الظن خاطئ وصحيح في نفس الوقت، إذا يمكن القول أن الأخلاق المهنية تمتدى فعاليتها من الأخلاق الشخصية التى يمتلكها الفرد، لكنها في الوقت نفسه ليس ذات المعني كالآتي:
- الأخلاق الشخصية:
الأخلاق الشخصية هي مجموعة الاعتبارات والمبادئ الأخلافية التي يتم غرسها في الفرد من طفولته وهي أشبه ما يكون كود داخلي او نظام يؤثر في طريقة رؤية وتعامله مع العالم الخارجي، ويتم غرس هذه المبادئ من قبل الدائرة المحيطة بالشخص، بداية من حدود اسرته وعائلته، مرورًا بما يمليه عليه الدين والعرف والمجتمع وتستمر عملية تأثيرها طوال فترة حياته ولا تنحصر في مده زمنية معنية او موقف محدد، بل يتم توريثها لمن بعده كذلك، وعادة ما تكون هذه الأخلاق متشابهه بين الجميع، كونها في الأصل مستمدة من المجتمع ذاته ومقبوله منه. - أخلاقيات المهنة:
إن مفهوم أخلاقيات المهنة هي المبادئ والإطار الاخلاقي الذي ينظم العمل وآلية التعامل فيه، والتى ليست بالضرورة أن تتوافق مع الاخلاق الشخصية، لكنها ملزمة لجميع من قرر العمل في بيئة تطبيقها، إذا يمكن للعامل أن يكذب على عميل، لكن على ارض الواقع لن يقوم بذلك لكون الكذب في حد ذاته رذيلة غير مقبولة.
الأمر ذاته فيما يتعلق بمنح خصومات حصرية لبعض العملاء والبعض الاخر لا، في عرف الاخلاق الشخصية هذا ليس عدلًا، إنما في أخلاقيات المهنة فهى مميزات حصرية مقبولة تمنح للعملاء الـ vip.
ان مصادر أخلاقيات العمل المهني تمتد من مصادر مختلفة، ولكن أهمها هم الآتي:
الفرد وضميره الحي
لكل شخص منا منظومة أخلاقية خاصة به، هذه المنظومة تحدد له ما هو المسموح وما الغير مسموح؟ ما يمكن قبوله، وما يمكن التعديل عليه وما لا يسمح حتى بعرضه؟ كل هذه الاشياء تعمل كبوصلة أخلاقية للفرد تدفعه للشعور بالنفور إذا أوشك على ارتكاب خطأ ما، وتحفزه لعمل الصواب إذا كان الأمر يستدعي التدخل منه.
وبالرغم ما أن هذه المنظومة الأخلاقية الفردية منظومة غير نفعية ويلتزم بها الفرد من تلقاء نفسه بدون أى مثيرات، إلا هناك منفعة خفية في الإلتزام بها، حيث يشعر المرء تلقائيًا براحة والاستقرار بمجرد أن يزول عنه المثيرات المضادة لمبادئه، بالإضافة إلى الإنتصار الوهمى الناتج عن ثباته ضد المغريات وقوته.
ايضا العرف والقيم السائدة في المجتمع حيث يمثل العرف والمجتمع عامل مؤثر في تحديد الأخلاقيات المهنية، فالعادات والتقاليد كانت ومازالت المشكل الأقوى لتصورات الشعوب وكيفية رسم شخصياتهم؛ فمثلًا قد يكون الزى عامل غير مؤثر في بعض البلدان الأجنبية، لكنه في المجتمعات الشرقية عنصر فعال مخالفته تعد مخالفة لعرف المجتمع وبالتالي مخالفة لأخلاقيات المهنة.
في الختام، لكل شركة مجموعة من القواعد والسياسات التنظيمية التي تنظم سير عملها وآلية التعامل بين الأفراد العاملين وبعضهم بعض أو بينهم وبين العملاء الخارجيين.
قد تشتمل هذه اللوائح على بنود تتعلق بالسرية والحفاظ على خصوصية المعلومات المتعلقة بالشركة، قد تتعلق بآلية التعامل مع الملفات والصلاحيات الموكلة لكل موظف، قد تتعلق بالأداب العامة وطريقة التعامل بين الموظفين وبعضهم البعض، قد تكون في أسلوب استغلال الصلاحيات وتوجيها بشكل جيد، أو تكون في الكود الأخلاقي المتفق عليه في إدارة بيانات العملاء والحفاظ عليها، وقد تكون في شكل الإدارة أو ممارسة السلطات، جميعها تستند على الوازع الأخلاقي والمجتمعي وكذلك القانوني في طريقة صياغتها وتطبيقها، ويتم اللجوء إليها في حالة مخالفة أحد الموظفين لبعض بنودها، ثم تحديد الإجراء المهنى الذى يتناسب مع العمل، وقد تكون بعض الإجراءات مخففة كلفت النظر أو تعنيف لفظى، وقد تمتد لتصل إلى الجزاءات الكبيرة أو رفد الموظف تمامًا من الشركة، هذه الأخلاق المهنية تعمل كدرع للحفاظ على شرف هذه المهنة والعاملين بها، كما تعمل كسيف في يد النقابة لإيقاف أى دخيل قد يضر بالمهنة أو يستغلها فى إلحاق الضرر بالاخرين، فميثاق الشرف الإعلامى مثلًا يختلف في طبيعته عن ميثاق الشرف الخاص بالأطباء وكذلك المحامين، فهنا يوكل إلى ممثلى النقابة تشريع قوانينهم الخاصة التي تناسب طبيعة وظيفتهم، بحيث تعمل ككود أخلاقي، أي شخص يخالفه، يواجه ضرر الشطب من النقابة وحظره من ممارسة مهنته على الفور.