د. الاء صلاح تكتب: يوديد البوتاسيوم.. بين أمراض الغدة الدرقية والنشاط الإشعاعي

د. الاء صلاح تكتب: يوديد البوتاسيوم.. بين أمراض الغدة الدرقية والنشاط الإشعاعي


يزداد الحديث عن يوديد البوتاسيوم Potassium Iodide (KI)بالتحديد في حالات التعرض للأخطار الإشعاعية أو مجرد الاشتباه بها، فهو يلعب دوراً هاماً في حماية الغدة الدرقية وتنظيم نشاطها المفرط ووقايتها من احتمالية الإصابة بالسرطان في المستقبل. يؤخذ يوديد البوتاسيوم عن طريق الفم، ويتوفر في شكله الصيدلاني إما على هيئة شراب، أو أقراص قد تكون غير مغلفة uncoated، او مغلفة تغليفاً معوياًenteric coated ، أو ممتدة المفعولdelayed release ، وهذه الأخيرة غير مستحبة لكونها قد تؤدي إلى آثار جانبية خطيرة. وبشكلٍ عام وفي حالات التسرب الإشعاعي لا يجب تناول يوديد البوتاسيوم إلا في حالات الطوراىء وبحسب توصيات وتعليمات الأطباء وموفري الرعاية الصحية.

ما هو يوديد البوتاسيوم؟
يعد ملح يوديد البوتاسيوم Potassium Iodide (KI) نوع من أنواع اليود الغير مشع، وهو يستخدم عادةً في علاج بعض الحالات المرضية الخاصة بالغدة الدرقية مثل حالات فرط نشاط الغدة الدرقية hyperthyroidism، حيث يمنع الغدة من إنتاج هرمون الغدة الدرقية، كما يستخدم كذلك في حماية الغدة الدرقية في حالة التعرض للنشاط الإشعاعي من خلال حجب قدرة الغدة على امتصاص اليود المشع والذي يمكن أن يدخل إلى جسم الإنسان عبر الهواء أو الغذاء.

من المعروف أن للغدة الدرقية دور كبير في العديد من الوظائف الحيوية في الجسم، وبالتالي يمكن أن يتسبب امتصاص الغذة الدرقية لليود المشع والذي يمكن أن يتسرب من المفاعلات النووية عن طريق الخطأ إلى الهواء والماء والتربة في زيادة فرصة الإصابة بسرطان الغدة الدرقية بعد سنوات من التعرض له خاصة من قبل الرضع، أو الأطفال، أو المراهقين.

يمكن أن يلجأ الأطباء في بعض الحالات إلى استخدام اليود المشع بكميات محدودة وآمنة لغايات تشخيصية كما هو الحال في الاختبارات التصويرية Imaging tests، وفي إجراءات علاجية أيضاً، وهنا يستخدم يوديد البوتاسيوم فبل أو بعد تناول العلاج الذي يحتوي على اليود المشع.

ماهي آلية عمل يوديد البوتاسيوم في حماية الغدة الدرقية؟
يعتبر يوديد البوتاسيوم الشكل المستقر أو الغير مشع من اليود، ولكن ولعدم قدرة الغدة الدرقية على التميز بين النوع المشع والغير مشع فإنها تقوم بامتصاص النوعين على حد سواء. ولذلك ولأجل حماية الغدة الدرقية يجب أن يأخذ الشخص يوديد البوتاسيوم، قبل أو بعد التعرض لليود المشع بقليل لإشباع الغدة الدرقية بهذا النوع من اليود، ومنع تراكم اليود المشع في الغدة الدرقية. وبذلك وعندما يأخذ الشخص الكمية المناسبة من يوديد البوتاسيوم وفي الوقت المناسب، فإنه يمنع بذلك امتصاص الغدة لليود المشع ويحجبه عنها ، حيث أن الغدة تكون مشبعة بيوديد البوتاسيوم ولا يوجد متسع لليود المشع.

ما هي الحالات التي تستدعي استخدام يوديد البوتاسيوم؟
يمكن أن يستخدم يوديد البوتاسيوم في الحالات التالية:

· في علاج فرط نشاط الغدة الدرقية، وتحدياً تلك المرتبطة بمرض جريفز Graves’ disease.

· في حال الإصابة بحالة طبية تعرف باسم عاصفة الغدة الدرقية Thyroid storm، وهي حالة طبية نادرة وطارئة تحدث بسبب زيادة مفرطة ومفاجئة في هرمونات الغدة الدرقية في الجسم.

· في علاج بعض الامراض الجلدية مثل داء الشعريات المبوغة الجلدي Cutaneous Sporotrichosis الناتج عن عدوى فطرية في الجلد.

· في حالات نقص اليود.

· في بعض حالات أمراض الرئة المزمنة، حيث يمكن أن يصفه الطبيب كمقشع للبلغم لتسهيل السعال وطرد البلغم.

· في حماية الغدة الدرقية عند التعرض للنشاط الإشعاعي.

· في بعض الفحوصات الطبية مثل اختبار التصوير النووي MIBG scans.

· في حالات علاج الغدة الدرقية بالعلاج الإشعاعي.

ما دور يوديد البوتاسيوم في الحماية من النشاط الإشعاعي؟
يعتبر تداعيات النشاط الإشعاعي بعد انفجار المفاعلات النووية من أكبر المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الإنسان، وهذه التداعيات ينتج عنها مئات الأنواع من المواد الإشعاعية، ولذلك من الضروري الإشارة إلى أن استخدام يوديد البوتاسيوم يعمل على حماية الإنسان من التأثيرات الناتجة عن التعرض لليود المشع فقط وليس باقي الأنواع، وتعتبر كمية اليود المشع الناتجة عن النشاط الإشعاعي للمفاعلات بعد انفجارها قليلة نوعاً ما مقارنة بغيرها من المواد المشعة والت يمكن ان تتسبب بالأذى بمجرد التعرض الخارجي لها، ولذلك فإن تناول يوديد اليوتاسيوم بعد انفجار المفاعلات النووية لن يحمي الإنسان من خطر النشاط الإشعاع، ولذلك لا بد من الالتزام بالبقاء داخل الملاجئ والمنازل والأماكن المغلقة، ومتابعة الأخبار الرسمية أولاً بأول.

تعتمد مدى فاعلية يوديد البوتاسيوم في الحماية من اليود المشع، على تناول الجرعة الصحيحة في الوقت المناسب وهو إما قبل التعرض للنشاط الإشعاعي ب24ساعة، أو بعد التعرض له بقليل بمعدل 4ساعات، كما يعتمد على كمية اليود المشع الذي دخل إلى الجسم وسرعة امتصاص الجسم له، أي أنه لن يعلاج الضرر في حال حدوثه فعلاً في الغدة الدرقية. ومن الجدير بالذكر أن تناول يوديد البوتاسيوم موصى به لمن هم أقل من 40 عاماً وللحوامل والمرضعات حيث أنهم الأكثر عرضة للإصابة بسرطان الغدة الدرقية في المستقبل وخاصة الأطفال والرضع، كما أن يوديد البوتاسيوم يحمي فقط الغدة الدرقية، ولا يحمي باقي أجزاء الجسم.

ما الآثار الجانبية لاستخدام يوديد الوتاسيوم؟
يمكن أن يتسبب تناول يوديد البوتاسيوم خاصة في حال عدم اتباع تعليمات الطبيب بالآثار الجانبية التالية:

· اضطرابات في الجهاز الهضمي، والشعور بالغثيان والإسهال.

· ظهور الطفح الجلدي.

· التهاب inflammation وتورم الغدد اللعابية.

· الشعور بطعم معدني في الفم.

· الشعور بالحرقة في الفم والحلق.

· آلالام واحتقان في اللثة والأسنان

· النوبة التحسسية.

· الصداع.

· الشعور بأعراض شبيه بالإصابة بالزكام مثل سيلان الأنف.

· الإصابة بخمول الغدة الدرقية لدى الرضع ممن هم أقل من عمر الشهر ممكن يتلقون أكثر من جرعة من يوديد البوتاسيوم.

· المرض الشديد، وحتى الوفاة لمن يتناولون كميات أكبر من الموصى بها من يوديد البوتاسيوم.

ما هي التداخلات العلاجية مع يوديد البوتاسيوم؟

التداخلات الدوائية:
عادة ما يتم تجنب تناول دوائين معاً في حالة وجود تداخلات دوائية بينهما، ولكن هناك حالات يمكن أن يقوم الطبيب بعمل اسثناءات فيها من خلال تعدي الجرعات أو اتخاذ تدابير علاجية أخرى، ولذلك من الضروي إخبار الطبيب في حال استخدام بعض الأدوية التالية عند تلقي جرعة يوديد البوتاسيوم، ومن الأمثلة عليها لا الحصر:

· أسينوكومارول Acenocoumarol، وهو مضاد للتخثر.

· أنيسيندون Anisindione، وهو مضاد للتخثر.

· ديكومارول Dicmarol، وهو مضاد للتخثر.

· فينينديون Phenindione, وهو مضاد للتخثر.

· فينبروكومون Phenprocoumon، وهو مضاد للتخثر.

· ورافارين Warfarin، وهو مضاد للتخثر.

التعارض مع بعض الأمراض:
يمكن أن يتعارض استخدام يوديد البوتاسيوم مع بعض الأمراض والحالات الصحية، ومنها:

· فرط البوتاسيوم بالدم Hyperkalemia، أي ارتفاع مستوى البوتاسيوم في الدم.

· تأثر العضل الخلقي Myotonia congenita، وهو اضطراب وراثي يصيب العضلات ويتسبب في تيبس العضلات وتأخر ارتخائها بعض الإنقباض.

· السل Tuberculosis، وهو عدوى بكتيرية خطيرة تصيب الرئة وتؤثر على باقي الأعضاء، حيث يمكن أن يجعل يوديد البوتاسيوم هذه الحال أسوأ، وكذلك هو الحال بالنسبة التهاب الرئة الشديد.

· أمراض الكلى، حيص يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة مستوى البوتاسيوم في الدم.

· فرط نشاط الغدة الدرقية، فيما عدا استخدام يوديد البوتاسيوم كعلاج لهذه المشكلة، يمكن للاستخدام الطويل له أن يتسبب في الأذى للغدة الدرقية.

ما هي الفئات التي يجب أن تستخدم يوديد البوتاسيوم، وما هي الجرعات المناسبة؟
يستخدم يوديد البوتاسيوم كإجراء طبي مضاد من أجل حماية الغدة الدرقية من اليود المشع، وخاصة للأشخاص الذين أعمارهم أقل من 40 سنة، بالإضافة إلى النساء الحوامل والمرضعات، وذلك بعد تقييم الفائدة والضرر من استخدمه لهن، ويرجع ذلك إلى أن انقسام الخلايا وزيادة عددها يكون أسرع لديهم من الفئات الأكبر سناً، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بسرطان الغدة الدرقية بعد تعرضهم لليود المشع. ومن الجدير بالذكر أنه ينصح للمرضعات بالتوقف مؤقتاً عن الرضاعة الطبيعية واستخدام البدائل الصناعية لحين إجلاؤهم من منطقة التأثير الإشعاعي، ويرجع ذلك إلى إمكانية انتقال اليود المشع عبر الحليب.

أما بالنسبة للبالغين ممن أعمارهم فوق ال 40 سنة، فهم أقل عرض للإصابة بسرطان الغدة الدرقية، كما من المرجع أنهم يعانون من أمراض ومشاكل صحية مزمنة، ومنها تلك المتعلقة بمشاكل الغدة الدرقية، والتي يمكن أن تزيد من التأثيرات الجانبية عند استخدمهم ليوديد البوتاسيوم، ولكن قد يقوم الأطباء بتوجيه هذه الفئة إلى استخدام يوديد البوتاسيوم في حال كان التأثير الإشعاعي كبيراً إلى درجة التسبب بقصور نشاط الغدة الدرقية.

يعتبر الرضع ممن هم أقل من عمر الشهر أكثر عرضة للإصابة بسرطان الغدة الدرقية بسبب التلوث الإشعاعي باليود، ولكن قد يؤدي استخدام أكثر من جرعة واحدة إلى مشاكل وخلل في التطور والنمو الطبيعي لهم، ولذلك يجل اتخاذ إجراءات أخرى لحمايتهم، ولكن في حال الاضطرار إلى استخدام أكثر من جرعة يجب الحرص على المتابعة المستمرة مع الطبيب للتأكد من سلامة الطفل، ونفس الشيء ينطبق على النساء الحوامل وذلك حرصاً على سلامة الجنين ونموه مستقبلاً.

أما بالنسبة إلى تكرار الجرعة بشكلٍ عام، فمفعولها يستمر لغاية 24 ساعة وبذلك يمكن تكرار الجرعة مجدداً ل 24 ساعة أخرى، ويتم تكرار الجرعة حسب الحاجة ومدة استمرار التأثير الإشعاعي في محيط المنطقة. فيما يلي الجرعات المناسبة لكل فئة عمرية من اجل الوقاية من التعرض الإشعاعي:

· البالغين والمراهقين الذين تزيد أوزانهم عن 70كغ، فالجرعة المناسبة 130مغ مرة يومياً إلى حين زوال الخطر الإشعاعي.

· الأطفال الرضع خلال شهرهم الأول، الجرعة المناسبة 16مغ مرة يومياً إلى حين زوال الخطر الإشعاعي أو حسب تعليمات الطبيب.

· الأطفال من عمر الشهر إلى غاية عمر 3 سنوات، الجرعة المناسبة 32مغ مرة يومياً إلى حين زوال الخطر الإشعاعي أو حسب تعليمات الطبيب.

· الأطفال والمراهقين من عمر 3سنوات إلى غاية 18 سنة، ووزنهم أقل من 70كغ، الجرعة المناسبة 65مغ مرة يومياً إلى حين زوال الخطر الإشعاعي.

المصادر:

https://www.cdc.gov/radiation-emergencies/treatment/potassium-iodide.html

https://my.clevelandclinic.org/health/treatments/potassium-iodide-ki

https://www.mayoclinic.org/drugs-supplements/potassium-iodide-oral-route/description/drg-20065546

Tags

Share this post:

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore
%d مدونون معجبون بهذه: