مرتبط
ميرزايانوف: أعتذر عن المساهمة في إنتاج أخطر سم عرفته البشرية
قناة بي بي سي البريطانية
-
15 مارس/ آذار 2018
تتحدث وسائل الإعلام البريطانية والساسة في لندن بما يشبه اليقين أن روسيا تقف وراء محاولة قتل الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا الراقدين حاليا في المستشفى يصارعان الموت.
السم الذي استخدم في محاولة اغتيال سكريبال نوع من السموم التي تؤثر في الجهاز العصبي ولا يوجد في مكان آخر في العالم غير روسيا كونها الدولة الوحيدة التي أنتجته حسب قول المختصين في هذا المجال.
العالم الذي ساهم إلى حد بعيد في التوصل إلى هذا السم هو فيل ميرزايانوف الذي يعيش حاليا في الولايات المتحدة وقد تجاوز تسعين عاما، وهو يدرك تماما ماذا يعني تعرض شخص لسم “نوفيتشوك” ( ويعني باللغة الروسية القادم الجديد).
محاربة التجسس العلمي
ترأس هذا العالم مركز محاربة التجسس العلمي التابع لمعهد الدولة للأبحاث العلمية في مجال الكيمياء العضوية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي خلال الحقبة السوفياتية.
وقال العالم إنه يشعر بالندم عما قام به ووجه اعتذاره لسكريبال لدوره في إنتاج هذا السم الذي دخل مرحلة الانتاج في ثمانينيات القرن الماضي وبقي برنامج إنتاجه سريا حتى كشف عنه ميرزايانوف في اعقاب انهيار الاتحاد السوفياتي.
تم الزج بالعالم عام 1993 في السجن بتهمة افشاء أسرار الدولة بسبب كشف هذا السم لكنه تمكن من الفرار إلى الولايات المتحدة.
لم يتصور هذا العالم أن هذا السم سيتم استعماله في عمليات اغتيال أو تصفية، فقد كان الهدف من إنتاج هذا السم هو استعماله في ساحة المعركة بواسطة القذائف أو القنابل.
قضية الجاسوس الروسي: إلى أين تتجه العلاقات البريطانية الروسية؟
ويضيف هذا العالم “عندما كنا نطور هذه الأسلحة كان الهدف منها حماية بلادنا من الأعداء والدفاع عنها، لا أنا ولا أي من العلماء الذين عملوا في انتاج هذا السم وإجراء التجارب عليه كان يتوقع أن يتم استعماله لأغراض إرهابية، إنه سلاح عسكري، سلاح دمار شامل”.
ونوفيتشوك أقوى بعشر مرات من غاز الأعصاب “في اكس” الذي استخدم في قتل الأخ غير الشقيق لزعيم كوريا الشمالية في ماليزيا والأضرار التي يتسبب بها هذا السم لجسم الانسان غير قابلة للإصلاح حسب قوله. ووصفه أحد العلماء بأنه أخطر سلاح أنتجته البشرية بعد السلاح النووي.
“تعذيب فظيع”
ويقول ميرزايانوف إن أمام سكريبال وابنته طريقا طويلا للشفاء، وأضاف “إن التعرض لسم مثل هذا ستكون له عواقب مدى الحياة فقد تعرض أندريه جيلينزيكوف، أحد العلماء الذي عملوا في تطويره، إلى أحد المكونات التي تدخل في انتاج هذا السم عن طريق الخطأ أثناء عمله في المخبر، وأُعطي الترياق المضاد ونجا من الموت بعد معالجة طويلة، لكنه لم يعد ذلك الشخص المفعم بالحيوية، فقد عانى من الهزال ونوبات صرع ومشاكل في الكبد وصعوبة في التركيز والعديد من الأزمات الصحية إلى أن مات بعد خمس سنوات من الحادث”.
وحول آلية تأثير هذا السم على الضحية يقول العالم: “إنه يشل الضحية، ويتسبب بالاضطرابات الجسدية وبصعوبة في التنفس وبعدها تموت الضحية، إن الأمر أشبه بالتعذيب الشديد. حتى لو كانت الجرعة صغيرة فإن الألم يستمر مدة أسابيع، لا يمكن تصور الفظائع التي يتسبب بها هذا السم”.
وقد تم تطوير هذا السم خلال عقدين من الزمن في منشأة ليست بعيدة عن العاصمة موسكو وكان يعمل في برنامج إنتاجه نحو ألف شخص في منتهى السرية حسب قول ميرزايانوف وكانت تجرى التجارب على الحيوانات وبعد ذلك كانت تدرس المواصفات الكيميائية من قبل عدد كبير من المختبرات.
أصبح ميرزايانوف من أشد دعاة حظر الأسلحة الكيميائية في أعقاب انهيار الاتحاد السوفياتي، ونشر مقالة في مجلة “موسكو تايمز” الأسبوعية ونشرت صحيفة “بالتيمور صن” الامريكية عام 1992 مقابلة معه تحدث فيهما عن الخطر الذي تمثله هذه الأسلحة على البشرية وأدى ذلك إلى سجنه وطرده من عمله.
وبعد الفرار إلى الولايات المتحدة نشر ميرزايانوف عددا من المؤلفات والمنشورات في هذا المجال. ويقول إن أجهزة الأمن الأمريكية حاولت منعه من نشر الصيغة الكيميائية ومكونات إنتاج نوفيتشوك بهدف منع انتشار المعرفة التي قد تساعد في إنتاج أسلحة الدمار الشامل لكنه لم يأبه بذلك.