الحلقة الخامسة/د. العليمات يتحدث عن الدور القومي للنقابات المهنية – بحث عن دور النقابات المهنية في الحياه السياسية

الحلقة الخامسة/د. العليمات يتحدث عن الدور القومي للنقابات المهنية – بحث عن دور النقابات المهنية في الحياه السياسية

د. عبد الحميد العليمات- عضو مجلس النقابة/ يدرس ماجستير علوم سياسية – الجامعة الاردنية

الدور القومي للنقابات المهنية :

تشكل النقابات المهنية متنفسا طبيعيا وشعبيا للعديد من النشاطات الوطنية تجاه قضايا الامة والاحداث التي عصفت بها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والاحتلال الامريكي للعراق وانطلاقا من المكانة التي تمثلها فقد اقامت النقابات المهنية نشاطات مركزية من خلال مجلس النقباء او مجالس النقابات المختلفة واللجان النقابية وشهد مجمع النقابات المهنية العديد من الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات والندوات التي عبرت عن ضمير الشعب الاردني في وقوفه الدائم مع قضايا امته ودعم صمود الاهل في فلسطين المحتلة مما ساهم في توجيه الراي العام الداخلي لرفض التطبيع مع الكيان الصهيوني رغم توقيع معاهدة السلام معه، وتقوم النقابات المهنية سواء من خلال كل نقابة او عن طريق مجلس النقباء بجمع التبرعات والمساعدات لإرسالها للشعب الفلسطيني بالضفة الغربية وقطاع غزة لدعم صموده وتخفيف الاوضاع المعيشية العصبة التي يعيش فيها جراء الاحتلال وتشارك النقابات المهنية في العديد من الهيئات الدولية والاقليمية الداعمة للشعب الفلسطيني

“لجنة مقاومة التطبيع”

شكلت النقابات المهنية من خلال مجلس النقباء لجنة تحت مسمى “لجنة مقاومة التطبيع” في العام 1995م لمقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني، وقامت بإصدار العديد من النشرات وعمل قوائم سوداء للمتعاملين معه وعقدت الندوات والفعاليات المختلفة واتخذت اجراءات تأديبه بحق المخالفين ([1])

تعاملت الحكومة في بداية الامر مع هذا الموضوع بشكل سلس انطلاقا من حق كل شخص بالموافقة على التطبيع او عدمه، الا ان انتفاضة الاقصى عام 2000م شكلت مرحلة جديدة في العلاقة بين الحكومة والنقابات تمثلت بتوقيف عدد من اعضاء لجنة مقاومة التطبيع واحالتهم للمحكمة وحاولت استغلال الموقف للتأكيد على الدور المهني للنقابات المهنية وفق قوانينها مدعومة بمواقف عدد من نواب البرلمان وبعض الاحزاب السياسية الامر الذي دفع مجلس النقباء لالتقاط الرسالة الحكومية والتزم بإيقاف جميع نشاطات لجنة مقاومة التطبيع

توجهت الحكومة بسؤال للمجلس العالي لتفسير الدستور حول شرعية مجلس النقباء ونشاطات لجنة مقاومة التطبيعوافتى المجلس : بعدم مشروعية اي نشاط لمجلس النقباء ولجنة مقاومة التطبيع النقابية ولجنة مقاومة التطبيع في نقابة المهندسين ,مهما كان نوعه وان الانتساب لهم يعتبر جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات ,كون نصوص قوانين النقابات تتضمن احكاما تعالج شؤون المهنة وتنظيم مزاولتها

رغم كل هذه المحاولات الحكومية للحد من الدور السياسي للنقابات المهنية،  نجد انها استمرت كلاعب رئيسي في العديد من الاحداث والوقائع السياسية والوطنية رغم قيام العديد من الاحزاب السياسية والتي حاولت تصدر العمل السياسي الا ان غياب الحاضنة الشعبية لهذه الاحزاب جعلها عاجزة عن ممارسة دورها السياسي بالشكل المطلوب ويستثنى من ذلك حزب جبهة العمل السياسي – الذراع الحزبي لجماعة الاخوان المسلمين- بسبب جذوره الممتدة في المجتمع وفي داخل النقابات المهنية وسيطرته على مجالسها لفترات متعاقبة وغالبا ما كانت مواقف النقابات المهنية متماشية مع مواقف الحزب او معبرة عنها الامر الذي دفع معظم الاحزاب الاخرى الى التماهي مع مواقف النقابات المهنية ليكون لها دور في العملية السياسية

التراجع والصحوة ([2]):

شهدت الفترة ما بين عامي 2008م -2017م تراجعا في النشاط السياسي للنقابات المهنية وتركيزا على الجانب المهني، ولقد ساهمت عدة عوامل في هذا التراجع منها عوامل خارجية وعوامل داخلية، حيث تمثلت الخارجية منها برفض العديد من اعضاء مجلس النواب واحزاب سياسية بإعطاء هذا الدور لها وأنه حق اصيل وفق القوانين والتشريعات النافذة لمؤسسة البرلمان والاحزاب، وعملت الحكومات على تعزيز هذا من خلال قراراتها ومحاولة تحيد النقابات عن الامور السياسية واستخدام ادواتها داخل الجسم النقابي لتدعيم فكرة مهنية النقابات

اما العوامل الداخلية فتمثلت بوصول قيادات نقابية بعيدة عن العمل السياسي ومن اصحاب رؤوس الاموال والمصالح تلاقت رؤاها مع توجهات قطاع عريض من منتسبي النقابات الساعين الى تحسين مستوى معيشتهم ودخلهم في ظل الضغوطات الاقتصادية التي يعيشون تحتها وقناعتهم بان العمل السياسي للنقابات يكون على حساب المهنة وتطويرها وتحسين اوضاع منتسبيها.

اضراب شامل يوم 30/5/ 2018

في بداية العام 2018م تقدمت الحكومة بمشروع قانون معدل لقانون ضريبة الدخل الى مجلس النواب رات فيها الاغلبية من افراد المجتمع بانه قانون ظالم يقضي على ما تبقى من الطبقة المتوسطة وانطلاقا من مسؤوليتها القانونية تجاه منتسبيها والمسؤولية الادبية تجاه المجتمع تصدت النقابات المهنية وتصدرت الجهات الرافضة لإقرار القانون تزامنا مع بدء تحركات شعبية للاعتصام امام رئاسة الوزراء وعقد اجتماعا في رئاسة الوزراء بين الحكومة ومجلس النقباء لم يستطع التوصل الى نتيجة مما دفع مجلس النقباء الى الدعوة الى وقفة في مجمع النقابات المهنية حضرها حوالي خمسة الالاف شخص –وهو رقم كبير بالقياس مع وقفات  مماثلة – واعلان دعمة للتحركات الشعبية وقرر مجلس النقباء الدعوة الى اضراب شامل يوم 30/5/ 2018 لاقى تجاوبا شعبيا واسعا والتزاما من العديد من القطاعات الاقتصادية ومؤسسات المجتمع المدني ([3])

“مجلس النقباء يمثلني “

دفعت هذه التحركات من طرف النقابات المهنية الى تعزيز الثقة الشعبية فيها وتصدر هاشتاق “مجلس النقباء يمثلني ” منصات التواصل الاجتماعي، ووجد مجلس النقباء نفسة يقود تحركا شعبيا رافضا للسياسات الحكومية ومطالبا برحيل الحكومة واجراء اصلاحات سياسية واقتصادية، تبنى رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة الترتيب لاجتماع اخر بين مجلس النقباء والحكومة لإيجاد مخرجا الا ان الاجتماع لم يتمخض عن نتائج مما دفع النقابات الى تبني مطلب رحيل الحكومة والدعوة الى اضراب جديد يوم 6/6/2018واعتصام امام مجمع النقابات للمطالبة برحيل الحكومة واجراء تغيير شامل بالنهج الحكومي وهو ما تم حيث تقدمت حكومة الملقي باستقالتها وعين عمر الرزاز رئيسا للوزراء الذي اعلن سحب القانون من مجلس النواب لمزيد من المشاورات والتباحث حولة مما اوقف التحركات الشعبية والنقابية ([4])

إن نموّ العمل غير الحكومي وازدهاره من نقابات مهنية وعمالية واتحادات ثقافية وخيرية جمعيات يعد بمثابة مقياس لمدى تقدم المجتمع السياسي، ومؤشر للترابط بين شرائح المجتمع بكل توجهاته، وتزايد مثل هذه المؤسسات وتنوعها يعني وجود آليات للتسيير الذاتي للحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.وأهمية النقابات المهنية كمؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني تكمن في إسهامها في اختراق تقليدية المجتمع عن طريق تغيير اسس العلاقات بين أفراده من منظومته الإرثية إلى النموذج الطوعي، وبهذا يتحرك المجتمع من مرحلة التقولب والجمودية إلى الحركية، وعندئذ يمكن تطوير علاقات مشاركة ديموقراطية وتبلور نظام سياسي ديموقراطي، عدا عن اعتبارها عاملاً من عوامل ابتكار الأساليب الديموقراطية وممارستها.

تعد النقابات المهنية الأردنية اكبر مؤسسات المجتمع المدني في الأردن وتضم أربعة عشر نقابة مهنية تشمل (الأطباء العموميين، أطباء الأسنان، المحامين، الصيادلة، المهندسين، المهندسين الزراعيين، الصحفيين، رابطة الكتاب، الممرضين والممرضات، مدققي الحسابات، المقاولين، الفنانين، الأطباء البيطريين، الجيولوجيين) ويتجاوز عدد منتسبيها المائة ألف، وتنشط هذه النقابات في مجال تطوير المهن التي تمثلها والارتقاء بمستوى الأداء المهني للمنتسبين من خلال تنظيم المحاضرات والمؤتمرات والندوات ودورات التعليم المستمر في مختلف مجالات التخصص، وتقدم النقابات المهنية لمنتسبيها عدداً من الخدمات الهامة مثل القروض ذات الفائدة المنخفضة، وخطط الإسكان والتأمين الصحي ومعاش التقاعد وبعض الخدمات الأخرى.([5])

تساهم النقابات المهنية بشكل فعّال في القضايا العامة ،ولها موقف سياسي ثابت من كافة المصالح الوطنية والعربية والإسلامية، مما يعطيها دعماً شعبياً واسعاً، وهذا الموقف يمثل مواقف كافة الهيئات العامة للنقابات ( باعتبارها النخبة المثقفة في المجتمع)، وهذه الهيئات تنتخب بشكل حر اللجنة التنفيذية لمدة عامين، ولقد ساهمت فترة تجميد الحياة الحزبية في الأردن منذ عام 1957 وحتى استئنافها عام 1989م في إعطاء النقابات المهنية دوراً كبيراً في الواقع الاجتماعي والسياسي الأردني رديفا لدور الأحزاب السياسية، إذ كان للنقابات موقفها الداعم لرفاة الشعب الأردني وقضايا الأمة الأساسية.

([1]) الخطيب،احمد صفاء يحيى، مرجع سابق، ص58.

([2])‏ موقع عمون الاخباري (2018). النقابات المهنية تدعو لإضراب الاربعاء احتجاجا ‏على قانون الضريبة. نشر ب 26/5/‏

([3])أحمد، عصام، مرجع سابق، ص 29.

([4])الخطيب،احمدصفاءيحيى، مرجع سابق، ص59.

([5])حمايل،عمر، مرجع سابق، ص58.

 

الحلقة الرابعة/د. العليمات يتحدث عن الدور المهني والسياسي والقومي للنقابات المهنية – بحث عن دور النقابات المهنية في الحياه السياسية

Tags

Share this post:

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore
%d مدونون معجبون بهذه: