د. محمد حسن العمري يكتب: لهذه الأسباب تعثرت سلاسل الصيدليات في بلد غير ملائم لها !!!

د. محمد حسن العمري يكتب: لهذه الأسباب تعثرت سلاسل الصيدليات في بلد غير ملائم لها !!!

أزعم أنني أول من تطرق لخطورة فتح سلاسل الصيدليات، في دولة كالأردن متخمة بالشهادة بكل اتجاه، وفي الصيدلة بشكل استثنائي يتفوق حتى على مستوى العالمي، كان ذلك في مقال منشور على عدد من المواقع الإخبارية المحلية ، في العشرية الأولى من هذا القرن، ويمكن الحصول عليه من محركات للبحث تحت عنوان
(
ايها الصيادلة.. اقفلوا صيدلياتكم وافسحوا للفارمسيات الكبرى..!!)
منذ نحو ثلاث سنوات بدأت تتأزم أوضاع السلاسل، أدى إلى إفلاس اكثرها عددا، ومازالت اللعنة تطارد البقية، فأين الخلل
؟
عربيا، تحتل السعودية، السوق الدوائي الأول أكبر عدد من السلاسل الناجحة، تستحوذ في بعض المناطق كالمنطقة الغربية مثلا على نصف السوق الدوائي في القطاع الخاص..
زحفت السلاسل إلى الأردن، الدولة المرهقة اقتصاديا في كل القطاعات، دون أي دراسة معرفية لجدوى هذه السلاسل، سوى الاستثمار واستدراك الربح فيما يعتقد أنه من أكثر قطاعات التجارة المشروعة في العالم، غير أن الحقيقة غير ذلك، فالسوق السعودي ليس السوق الأردني، والمستهلك الخليجي ليس المستهلك الاردني، لا في المزاج ولا في الإمكانات.
تتراوح كامل أرباح الأدوية لقطاع الصيدليات في العالم، بين ١٥٪_٢٥٪ وهي نسبة وضعت لتشغيل صيدليات فردية بالكاد تغطي تكاليفها الذاتية، دون أن يتم تحميلها تكاليف إدارية عليا باهظة.
التجارب الخليجية في السلاسل، نجحت بشكل جيد في السعودية، ولم تنجح بذات الحجم، فقد سار مركبها الهوينا لا في العلو ولا في الانكسار، كما في الإمارات دون أن تتمكن من تحقيق حجما واسعا من السوق، وظلت المجموعة الصيدلانية الأولى في سلطنة عمان رهينة العاصمة مسقط، رغم أن مالكها هو وكيل غالبية شركات الأدوية والحليب ومستحضرات التجميل، وفي دولة فقيرة كاليمن استثمرت ثلاثة سلاسل مبالغ طائلة دون ان تتمكن طوال عشر سنوات من تحقيق أي نسبة من مبيعات القطاع الخاص.
بالعودة إلى السوق الأردني، و تجربة السوق السعودي لتقريب آلية العمل، فإن متوسط ربح الصيدليات بالسعودية هو ضعف النسبة الممنوحة لهذا القطاع من قبل السلطات السعودية المختصة، و تعتبر الصيدليات هي محج وكلاء الأدوية، تمنح بضاعة مجانية لرفع مستوى الربح حتى على أصناف الوصفة والأدوية الأجنبية، تلامس في أغلبها حاجز ٥٠٪ تقل وتزيد بحسب الصنف، وهذا ما يستطيع تشغيل الكلف الإدارية والمستودعات، بينما مازال السوق الأردني يعتمد بنحو ٧٢٪ على الأدوية الأجنبية بصفر بضاعة مجانية، وهنا تكون الصيدليات قائمة على النسبة العامة للربح ٢٠٪ التي بالكاد تغطي أجور العقار والموظفين والكلف الرسمية.
من جهة أخرى يعتمد السوق السعودي على الصيدلي الموظف العربي والآسيوي، الذي وصل البلاد أصلا من أجل الوظيفة لا من أجل الاستثمار، بينما يعتمد السوق المحلي على الصيدلي الأردني، المتطلع دائما لامتلاك مؤسسته الخاصة
.
تحت ركام عملاق من الخريجين الجدد في ذات التخصص، و انعدام المكان المناسب لتوسع عدد الصيدليات، ومحدوية المستهلك وارتفاع أجور العقار .
ما بين وهم الثراء الذي قادته إحدى السلاسل وتوزيع أرباح منسوخة عن بورصات المال الخادعة وصلت ٢٥٪ والتي كانت توزع الأرباح من ودائع المستثمرين الجدد الطامعين بالعوائد والتي وزعت من رؤوس الأموال التي أودعوها.

في النهاية تهاوي السلاسل بهذا الشكل لن يخدم القطاع الدوائي بالأجمال، بالعكس سيفقد الثقة بين الموردين والصيدليات بما فيها الفردية وقد يتحول البيع كله إلى نظام الكاش، وهذا بحد ذاته إرهاق جديد للمالكين، لكن تحجيم هذه السلاسل إلى الربع على أقل تقدير ممكن ان ينقذ القطاع كله، وهذا يعني أن السلسلة المكونة من ٥٠ صيدلية عندها في المتوسط ١٠_١٥ صيدلية قادرة علي تغطية تكاليفها والبقية ليست سوى أحمال زائدة ترهق المجموعة نفسها وتمتص مبيعات جاراتها من الصيدليات الأخرى.

Tags

Share this post:

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin

One Comment

  • مقال مميز ورأي محترم

Comments are closed.

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore
%d مدونون معجبون بهذه: