د. عاصم منصور يكتب : نداء بارينغتون وجدل “مناعة القطيع”

د. عاصم منصور يكتب : نداء بارينغتون وجدل “مناعة القطيع”

أعاد النداء الذي تبناه ثلاثة من الأكاديميين المرموقين ينتمون إلى ثلاث جامعات معروفة (هارفارد وأكسفورد وستانفورد) وأطلقوا عليه نداء بارينغتون إلى الواجهة النقاشَ حول ما يُسمّى «مناعة القطيع» وهي تسمية لا أحبذها وذلك لحساسية الوصف وأفضّل عليها تعبير المناعة المُجتمعية.
فقد طالب مُطلقو النداء وأيّدهم في ما ذهبوا إليه آلاف المختصين من مُختلف دول العالم الحكومات بالامتناع عن اتباع سياسة الإغلاق في وجه الوباء لما لهذه السياسة من آثار كارثية على الاقتصاد والاجتماع والتعليم، وطالبوا بتبني نهج «مناعة القطيع» من خلال السماح للأفراد الأفضل صحة والأصغر عُمراً بالإصابة بالمرض وحماية الأفراد الأشد ضعفاً والأكبر عُمراً .
وخلص الموقعون على النداء إلى أن سياسة الإغلاق ستؤدي حتماً إلى نتائج كارثية على المديين المتوسط والبعيد نتيجة تسببها بانخفاض نسب أخذ المطاعيم، والكشف المُبكر عن السرطان وإهمال الأمراض المزمنة كأمراض القلب والشرايين، عدا عن الآثار التي ترتبها على الصحة النفسية حيث يتوقع العلماء أن تشهد الفترة القادمة انتشارا واسعا للأمراض النفسية.
لذلك يدعو متبنو النداء إلى عودة الحياة إلى طبيعتها بالنسبة للأفراد والمجتمعات بما في ذلك إعادة فتح الجامعات والمدارس والمرافق الرياضية والترفيهية والأسواق، على أن يستثنى من هذا الانفتاح الفئات الأكثر ضعفا والتي يجب تأمينها بكل وسائل الحماية.
هذه النظرية أصبحت تحظى بالمزيد من الأنصار بعد أن كان مجرد التكلم عنها مثلبة يتهم أصحابها بالقسوة والفاشية، ولا ننسى حملة الانتقاد الواسعة التي واجهت رئيس الوزراء البريطاني وحكومته بمجرد أن ألمحوا إلى احتمالية تبني هذه السياسة مما حملهم على التنصل منها.
في المقابل يقول منتقدو هذه النظرية وهم كثر أن مناعة القطيع تُكتسب بأخذ المطاعيم الفعالة لا بتعريض المجتمع لخطر الإصابة، خاصة أن الأشهر الماضية قد كشفت بصورة فاضحة شلل الأنظمة الصحية وعجزها عن التعامل مع الأعداد المتزايدة من المرضى، فما بالك إذا ما زاد هذا العدد في حال تم اتباع سياسة أكثر انفتاحا. كما يستند هؤلاء إلى التقارير التي بدأت تظهر للعلن حول احتمالية تكرار الإصابة بالمرض لنفس المريض مما يؤشر أن ديمومة المناعة المكتسبة ضد المرض موضع شك ولم تكشف بعد عن كامل أسرارها، كما أن اكتساب مناعة مجتمعية فعالة يتطلب إصابة ما لا يقل عن 75 % من الناس بالمرض وهو أمر متعذر حتى في الدول التي تبنت سياسة منفتحة مثل السويد.
تشهد دول العالم تبايناً واضحاً في أدائها في مواجهة الوباء وهذا يعتمد على عدة عوامل منها الإجراءات التي اتخدتها هذه الدول وتركيبتها الديموغرافية وطبيعة العلاقات الاجتماعية التي تسود بين أفرادها ومدى نجاعة أنظمتها الصحية، ومدى تحمل اقتصادها للآثار المترتبة على الوباء وطبيعة نظام الحكم فيها، فلا يوجد وصفة واحدة يمكن استخدامها من قبل الجميع، فبعض الإجراءات الناجعة في دولة ما قد لا تكون كذلك في دول أخرى، يستثنى من ذلك تداخلات الصحة العامة القديمة المُتجددة والتي تصلح لكل زمان ومكان.
يبدو أن الكثير من دول العالم وتحت وطأة أنّات الاقتصاد باتت تتجه الى اعتماد سياسة «مناعة القطيع» في تواطئ صامت بين الحكومات والأفراد مع الحفاظ على بعض الإجراءات الشكلية التي تحاول أن تداري بها إعلانها الإفلاس في مواجهة المرض ولسان حالها يقول «لقد استنفدنا حلول الأرض وبقي أن ننتظر حلول السماء».

د. عاصم منصور يكتب : نداء بارينغتون وجدل “مناعة القطيع”

أعاد النداء الذي تبناه ثلاثة من الأكاديميين المرموقين ينتمون إلى ثلاث جامعات معروفة (هارفارد وأكسفورد وستانفورد) وأطلقوا عليه نداء بارينغتون إلى الواجهة النقاشَ حول ما يُسمّى «مناعة القطيع» وهي تسمية لا أحبذها وذلك لحساسية الوصف وأفضّل عليها تعبير المناعة المُجتمعية.
فقد طالب مُطلقو النداء وأيّدهم في ما ذهبوا إليه آلاف المختصين من مُختلف دول العالم الحكومات بالامتناع عن اتباع سياسة الإغلاق في وجه الوباء لما لهذه السياسة من آثار كارثية على الاقتصاد والاجتماع والتعليم، وطالبوا بتبني نهج «مناعة القطيع» من خلال السماح للأفراد الأفضل صحة والأصغر عُمراً بالإصابة بالمرض وحماية الأفراد الأشد ضعفاً والأكبر عُمراً .
وخلص الموقعون على النداء إلى أن سياسة الإغلاق ستؤدي حتماً إلى نتائج كارثية على المديين المتوسط والبعيد نتيجة تسببها بانخفاض نسب أخذ المطاعيم، والكشف المُبكر عن السرطان وإهمال الأمراض المزمنة كأمراض القلب والشرايين، عدا عن الآثار التي ترتبها على الصحة النفسية حيث يتوقع العلماء أن تشهد الفترة القادمة انتشارا واسعا للأمراض النفسية.
لذلك يدعو متبنو النداء إلى عودة الحياة إلى طبيعتها بالنسبة للأفراد والمجتمعات بما في ذلك إعادة فتح الجامعات والمدارس والمرافق الرياضية والترفيهية والأسواق، على أن يستثنى من هذا الانفتاح الفئات الأكثر ضعفا والتي يجب تأمينها بكل وسائل الحماية.
هذه النظرية أصبحت تحظى بالمزيد من الأنصار بعد أن كان مجرد التكلم عنها مثلبة يتهم أصحابها بالقسوة والفاشية، ولا ننسى حملة الانتقاد الواسعة التي واجهت رئيس الوزراء البريطاني وحكومته بمجرد أن ألمحوا إلى احتمالية تبني هذه السياسة مما حملهم على التنصل منها.
في المقابل يقول منتقدو هذه النظرية وهم كثر أن مناعة القطيع تُكتسب بأخذ المطاعيم الفعالة لا بتعريض المجتمع لخطر الإصابة، خاصة أن الأشهر الماضية قد كشفت بصورة فاضحة شلل الأنظمة الصحية وعجزها عن التعامل مع الأعداد المتزايدة من المرضى، فما بالك إذا ما زاد هذا العدد في حال تم اتباع سياسة أكثر انفتاحا. كما يستند هؤلاء إلى التقارير التي بدأت تظهر للعلن حول احتمالية تكرار الإصابة بالمرض لنفس المريض مما يؤشر أن ديمومة المناعة المكتسبة ضد المرض موضع شك ولم تكشف بعد عن كامل أسرارها، كما أن اكتساب مناعة مجتمعية فعالة يتطلب إصابة ما لا يقل عن 75 % من الناس بالمرض وهو أمر متعذر حتى في الدول التي تبنت سياسة منفتحة مثل السويد.
تشهد دول العالم تبايناً واضحاً في أدائها في مواجهة الوباء وهذا يعتمد على عدة عوامل منها الإجراءات التي اتخدتها هذه الدول وتركيبتها الديموغرافية وطبيعة العلاقات الاجتماعية التي تسود بين أفرادها ومدى نجاعة أنظمتها الصحية، ومدى تحمل اقتصادها للآثار المترتبة على الوباء وطبيعة نظام الحكم فيها، فلا يوجد وصفة واحدة يمكن استخدامها من قبل الجميع، فبعض الإجراءات الناجعة في دولة ما قد لا تكون كذلك في دول أخرى، يستثنى من ذلك تداخلات الصحة العامة القديمة المُتجددة والتي تصلح لكل زمان ومكان.
يبدو أن الكثير من دول العالم وتحت وطأة أنّات الاقتصاد باتت تتجه الى اعتماد سياسة «مناعة القطيع» في تواطئ صامت بين الحكومات والأفراد مع الحفاظ على بعض الإجراءات الشكلية التي تحاول أن تداري بها إعلانها الإفلاس في مواجهة المرض ولسان حالها يقول «لقد استنفدنا حلول الأرض وبقي أن ننتظر حلول السماء».

Tags

Share this post:

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore
%d مدونون معجبون بهذه: