د. لؤي ابو قطوسة يكتب: مغالطات وتصحيح حول الامراض الفيروسية والمطاعيم

د. لؤي ابو قطوسة يكتب: مغالطات وتصحيح حول الامراض الفيروسية والمطاعيم

ساءني جدا استمرار البعض من غير المختصين في الخوض في غمار الوبائيات والأمراض المعدية وذلك من نشر معلومات غير دقيقة عبر وسائل التواصل المرئية والمسموعة أو من خلال منصات التواصل الاجتماعي أدت وتسبب في زيادة منسوب الإحباط والتشاؤم بين الناس بالإضافة إلى زعزعة الثقة في المنظومة العلمية من أهل الاختصاص

بداية ومع الاحترام والتقدير لك انسان إلا أنه ليس كل حامل شهادة طبية أو حيوية يستطيع الحديث بدقة عن فيروس كورونا المستجد فليس كل طبيب أو صيدلاني أو ممرض أو اخصائي مختبرات طبيه أو مهندس تكنولوجيا حيوية يمتلك الكفاءة والخبرة العلمية والعملية اللازمتين للحكم على الدراسات السريرية والدوائية والعلمية والنظريات المتعلقة بها حول الوباء

تواصل معي عدد من الزملاء الذين أجلهم واحترمهم حول مطعوم فايزر بيونتك ومامونيته وحول العلاجات الأخرى وللأسف وجدت حجم هائل من المغالطات الجسيمة فالبعض لا يميز بين فاعلية المطعوم وبين كفاءته وهما أمران مستقلان ولهما أسس وقواعد مختلفة تبنى عليها قرارات استعمال الدواء والأشخاص المعنيين به
والأغرب من ذلك هو انتشار معلومة لا اعلم أصلها بأن الأمراض الفيروسية ليس لها علاج إلا المطاعيم وهذا مخالف لكل الأسس العلمية في العلاج السريري للأمراض المعدية وعلم الأدوية والعقاقير فعلى سبيل المثال هناك عائلات كاملة من أدوية مخصصة لعلاج الفيروسات ولها آلية عمل واضحة وأثبتت قدرتها على تثبيط الفيروس والحد من انتشارها في جسم المريض ولكن العبرة في كيفية ووقت استعمال هذا العلاج
على سبيل المثال فإن مرض الحلأ أو العقبولة (الهربس) مرض فيروسي يسبب حمو فموي وقد ثبت نجاح دواء اسيكلوفير في تخفيف حدة الالتهابات المصاحبة لهذا الفيروس إضافة إلى قدرته من التخفيف من شدة الإصابة بمرض الحزام الناري شريطة اعطائه في أول الإصابة وكذلك الحال ينطبق على فيروس كورونا المستجد باستعمال علاجات ريمديسيفير وغيرها وهنا يلزم دوما الاستعانة باساتذة العلاج السريري لتحديد انسب البروتوكولات الخاصة لضمان فعالية العلاج بالشكل الأمثل
أيضا هناك إشكالية كبيرة في المطاعيم والتي في غالبها وقائية وليست علاجية باستثناء البعض منها وفي حالات خاصة وتضرب هنا مثالا
يعتبر مطعوم السل ذو كفاءة محدودة وبعض الدول مثل سويسرا مثلا لا تدرجه ضمن جدول المطاعيم المعتمدة للاطفال ولكن عند حدوث إصابة مبكرة بسرطان البروستاتا يمكن إعطاء هذا المطعوم للرجال للتخفيف من شدة انتشار هذا النوع من السرطانات وهنا ايضا لا بد من الاستعانة باخصائيي العلاج السريري
وأما القول بأن شركات الأدوية لا تنفق على العلاج الفيروسي وانما تفضل الانفاق على المطاعيم فأعتقد أن هذه المغالطة هي الأكبر فالمسألة اولا لها بعد اقتصادي لا يخفى على المطلع إذ أن توزيع مليار جرعة من مطعوم في ظل وباء عالمي كالكورونا كفيل بتحقيق ارباح خيالية أكثر من دواء ناجح لعلاج مرض الإيدز مثلا ولو تمحص البعض في حجم الإنفاق على البحث والتطوير في مجال علاج مرض الإيدز لوجد أرقاما خرافية يصعب تصديقها وهذا دليل على الاهتمام الكبير بهذا النوع من الأدوية وأهميتها في الصناعة الصيدلانية
واخيرا
يجب أيضا أن لا ننسى أن نجاح أي علاج يعتمد أيضا على التركيب الجيني للناس وأنه يتأثر في بعض العلاجات بالتنوع الإثني في المجتمعات المختلفة

أتمنى وبصدق أن نحترم تخصصاتنا وان ندرس اي معلومة قبل نشرها فالمسألة ليست تعبيرا عن آراء وانما نشر معلومة علمية يمكن أن يبنى عليها نظريات وقرارات تمس المواطن وصحته

اخوكم
الدكتور لؤي ابو قطوسة
اخصائي الميكروبات الطبية والمناعة السريرية

Tags

Share this post:

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore
%d مدونون معجبون بهذه: