مرتبط
ا.د. ايمان البشيتي * تكتب : دور الصيادلة خلال جائحة فيروس كورونا في المملكة الأردنية الهاشمية
* رئيس جامعة العلوم التطبيقية
أبلغ عن فيروس كورونا لأول مرة بمدينة ووهان الصينية في كانون الأول 2019. انتشر الفيروس بشكل سريع في جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من أن جميع البلدان قد اتخذت تدابير صارمة للحد من انتشارالفيروس، فقد تم الإبلاغ عن الحالات الإيجابية للفيروس بشكل متزايد في معظم البلدان. وفقًا لذلك، أعلنت منظمة الصحة العالمية استجابة لهذا الوضع غير المتوقع أن فيروس كورونا هو جائحة عالمية.
تختلف شدة أعراض الإصابة بفيروس كورونا بين شخص وآخر. ففي حين يواجه بعض المصابين أعراض خفيفة مثل الأعراض الشبيهة بالإنفلونزا والحمى والسعال والصداع، ويعاني مصابون آخرون أعراض حادة مثل الالتهاب الرئوي أو حتى أعراض قاتلة.
واعتباراً لكوني قائد لفريق بحثي في هذا المجال في جامعة العلوم التطبيقية الخاصة كان لابد من إجراء أبحاث عديدة لدراسة التصورات والأفكار والبحث عن أدلة للوصول إلى النتائج، ومن هذا المنطلق فإنني أعتبر نفسي محظوظة للإبلاغ عن نتائج مهمة من خلال هذه الأبحاث العلمية التي تم نشرها في عدة مجلات مرموقة.
كانت هذه الأوراق العلمية من بين أوائل الأوراق التي ركزت على دور الصيدلة في توفير الرعاية الصحية للمرضى المصابين بالفيروس. نتائج الأوراق أسفرت عن تأكيد دور الصيدلاني في التثقيف الصحي الدوائي وأكدت دورهم في مساعدة المرضى على محاربة الفيروس وأبرزت جهودهم العظيمة خلال هذا الوقت العصيب من الجائحة، فقد كان الصيادلة في جميع أنحاء العالم يعملون بلا كلل للحد من انتشار الفيروس، كما يمكن الاستفادة من نتائج هذه الأوراق من خلال مساعدة صناع القرار لوضع السياسات الملائمة لتطوير دور الصيدلاني وتوضيح أهميته.
في ظل الأزمة الحالية في الأردن، كان هدفنا توفير البيانات للمجتمع بشكل عام والعالم الصيدلاني بشكل خاص من خلال استخدام الأساليب العلمية في جمع المعلومات وتفسيرها. لقد قمنا بدراسة وعي الصيادلة ومصادر معرفتهم فيما يتعلق بإدارة فيروس كورونا، كما تمت دراسة وجهات نظرهم حول دورهم في هذا الموقف الطارئ. بينت هذه الدراسة البحثية أن أكثر من نصف الصيادلة يؤمنون بأن لديهم المعلومات الكافية حول الأوبئة. في الوقت نفسه، استخدم ما يقارب 95% منهم وسائل الإعلام لمعرفة آخر المستجدات التي تخص طرق إدارة فيروس كورونا، تليها تقارير منظمة الصحة العالمية والمقالات المنشورة. كان وعي الصيادلة بالفيروس أعلى من وعي طلاب الصيدلة. ارتبط الوعي الأفضل بارتفاع سن المشاركين، والتخرج من جامعة حكومية مقابل جامعة خاصة، وحضور عدد أكبر من ورش العمل التعليمية.
فيما يتعلق بوجهة نظر الصيادلة لدورهم، وافق أكثر من 70٪ بشكل شديد على أن لهم دورًا مهمًا في إدارة الأوبئة من خلال صيدليات المجتمع. يتمثل دورهم بشكل رئيسي في التأكد من توافر جميع الأدوية اللازمة خلال الجائحة. اعتقد أكثر من 90٪ من الصيادلة أن دورهم في توعية المجتمع حول عدوى فيروس كورونا سيقلل من انتقال الفيروس. كما كشفت الدراسة دور الصيادلة في تقديم الخدمة المثالية للمرضى التي تتضمن عدة جوانب مثل إيصال الدواء لمنزل المريض خاصة أثناء حظر التجول.
تمت دراسة العوائق الرئيسية التي يواجهها الصيادلة أثناء الجائحة. وأظهرت النتائج أن الصيادلة كانوا قلقين من الإصابة بالمرض أثناء قيامهم بدورهم. علاوة على ذلك، تناولت هذه الدراسة دور المؤسسات الأكاديمية ونقابة الصيادلة في دعم مسيرة الصيادلة ومساعدتهم في تأدية دورهم الرئيسي أثناء الجائحة. قام المشاركون في الدراسة بتأييد حاجتهم إلى التدريب على الرعاية الصحية النفسية لدعم أنفسهم أولاً ومن ثم دعم الأشخاص من حولهم. وافق معظم المشاركين على أن مدرسي الصيادلة لهم دور رئيسي في إعداد الصيادلة للقيام بدورهم أثناء الجائحة. بالاضافة الى ذلك، بينت الدراسة أنه يجب على كليات الصيدلة إضافة مقرر خاص بالتأهب للأوبئة في مناهجها الدراسية.
مع انتشار جائحة فيروس كورونا على مستوى العالم، زادت حالة طوارئ الصحة العامة بشكل عالمي، ولم تكن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا استثناءً. ولاستكشاف جائحة فيروس كورونا من زوايا مختلفة، أجرى فريق البحث دراسة حيث قام بالمشاركة في هذه الدراسة أكثر من 2500 شخص من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كان الهدف من البحث تقييم وعي الصيادلة فيما يتعلق بـفيروس كورونا، ودراسة وجهات نظرهم حول أدوارهم، و أدوار المؤسسات التعليمية الصيدلانية، والكشف عن العوائق التي تواجه الصيادلة في أداء أدوارهم أثناء الجائحة. تم أيضاً القيام بالدراسة بشكل منفرد في كل من الإمارات العربية المتحدة وسوريا والعراق، حيث ظهرت نتائج مماثلة بين البلدان والمناطق المعنية.
كان لجائحة فيروس كورونا العديد من التحديات النفسية والجسدية والمالية، حيث تم الإبلاغ عن القلق والاكتئاب بشكل كبير بين جميع أفراد المجتمع، بما في ذلك طلاب الجامعات. لذلك، تم توجيه بحثنا لتقييم القلق والاكتئاب بين طلاب الطب المقيمين في الأردن وتأثيره على عملية التعلم. أظهرت النتائج أن 34٪ من الطلاب لديهم قلق و26٪ لديهم اكتئاب. التدخين ودخل الأسرة المنخفض واستخدام الأدوية ارتبط مع درجات أعلى للقلق. فيما يخص عملية التعلم خلال الجائحة، أظهرت النتائج أن 46٪ من الطلاب يعتقدون أنها جيدة جداً/ممتازة.
قدمت الأبحاث الأخرى التي أنتجتها مجموعتي البحثية نظرة متعمقة على تجربة الأشخاص المصابين بفيروس كورونا في الأردن وأدوار الصيادلة خلال هذه الظروف غير المسبوقة لتلبية احتياجات المرضى الجديدة أثناء الإصابة بالفيروس. أشارت تجارب المرضى إلى أن الإرهاق كان أكثر الأعراض التي تم الإبلاغ عنها من قبل المصابين الذين تم إصابتهم بفيروس كورونا، بينما كان فيتامين سي هو المكمل الغذائي الأكثر استخدامًا. قلة من المرضى كانوا ملتزمين بشدة بالإجراءات الوقائية قبل الإصابة بالعدوى.
تم إجراء دراسة أخرى لتقييم استخدام المرضى للأدوية والمنتجات الطبيعية خلال جائحة فيروس كورونا. أكثر من 70٪ من المرضى استخدموا فيتامين سي، وفيتامين د، ومسكنات الآلام. أما أكثر المنتجات الطبيعية استخدامًا كانت الحمضيات والعسل والزنجبيل. أثر العمر بشكل كبير على استخدام المرضى للأدوية والمنتجات الطبيعية، حيث استخدم المرضى الأكبر سنًا المزيد من المنتجات. تضمن نتائج هذه الدراسة الحاجة إلى إجراء حملات توعية يوجهها مقدمو رعاية صحية مدربون لتثقيف الناس وتقليل مخاطر الآثار الجانبية التي قد تنشأ عن الاستخدام غير الخاضع للرقابة للأدوية والمنتجات الطبيعية أثناء الأوبئة.
في الختام، تدعم كل هذه النتائج الجديدة دور صيادلة المجتمع في مساعدة المصابين بفيروس كورونا من خلال مساعدتهم في تخفيف حدة الأعراض المصاحبة للمرض، كما تؤكد دورهم في نشر الوعي بين المجتمع والمساعدة في حد مدى انتشار الفيروس.