مرتبط
د. خالد مصيلحي يكتب : هل يوجد نوع نعناع سام؟؟؟؟؟
طريق الشعوذة والدجل كلهم رائحتهم نعناع وفي الاسواق يباع
طريق العلم يوجد نوع عطري لكن سام و محظور حتى لو نعناع
د. خالد مصيلحي إبراهيم – أستاذ العقاقير والنبات الطبية بكلية الصيدلة جامعة القاهرة
في الأونة الأخيرة أخذت علاجات الأعشاب والمصادر الطبيعية منعطف جديد قوي وخطير فبعد ان احتلت نسبة كبيرة من العلاجات الفعالة المبنية على الدليل العلمي ظهر خط اخر موازي يعتمد على الشعوذة والدجل والجهل ويأخذ طريق السوشيال ميديا كترويج لمنتجاتهم الغير مسجلة بكل مخاطرها على المجتمعات مستغلين ألام المرضى واقتناعهم بالعودة للطبيعة وفاعلية المنتجات الطبيعية ولكن بدون العلم تسقط كل الأقنعة ويتحول الدواء لتجارة ويتحول مدعين العلم ومدعين الطب ومدعين الصيدلة حتى لو كانوا يحملون شهادات الى تجار ومشعوذين ودجالين اذا اختاروا طريق الجهل والشعوذة واتخذوه بديلا لطريق العلم والدليل العلمي لكسب الأموال على حساب ألام المرضى وتشبثهم بالأمل حتى اسواقنا ومتاجرنا البسيطة التي كانت تبيع الخضروات الطازجة والفاكهة المفيدة الصالحة للأكل اخترقها هؤلاء المشعوذين وسنعطي مثال غريب وحقيقي ورغم انه في الظاهر بسيط لكن يعد كارثة قد تؤدي بحياة من يجهلها
المعروف ان النعناع من أكثر الأعشاب رواجا وأمانا في العالم كله ويتم تداوله في كل انحاء العالم كنبات مهدئ للقولون وطارد للغازات وفوائد اخرى كثيره لاحتوائه على زيوت طيارة وموجود في أدوية مسجلة ومرخصة كثيرة بالصيدليات ومعظم شعوب العالم تستخدم أوراقه مع الشاي لإعطاء نكهة مميزة وطعم رائع ويعتبر النعناع العشب الوحيد الذي لاقى رواجا في جميع المتاجر في الشرق الأوسط وأوروبا وأسيا وأمريكا وتعددت انواعه تصل لحوالي سبعه أنواع معروفة منذ القدم وبها اختلاف بسيط في نكهاته ما بين النعناع البلدي والنعناع الفلفلي وغيره من أنواع النعناع ذات النكهة المميزة وتستخدم كل الشعوب أوراق النعناع في حالات المغص ونزلات البرد والقولون العصبي وتعتبر هذه الأنواع ليس لها أي مشاكل
وتأتي الخطورة من قبل الجهلة والمشعوذين الذين يتعاملون مع نوع من أنواع النعناع كانت منتشرة في أوروبا، ولكنها اقتحمت بعض اسواقنا ومزارعنا العربية الفترة الأخيرة على استحياء ويشبه النعناع في الشكل والنكهة لاحتوائه على مادة المنثون والمنثول في زيته الطيار، ولكن هذا النوع تحديدا المعروف تجاريا باسم النعناع الأوروبي او نعناع بوليو الذي ينتمي لعائلة النعناع ويشبهه لحد كبير في الشكل والنكهة
والمعروف علميا باسم Mentha pulegium او Pennyroyal
هذا النوع له نكهة قوية وأزهاره بنفسجية اللون وموطنه الأصلي أوروبا وغرب اسيا ولكنه ظهر وتم زراعته في بعض الدول العربية ويتميز هذا النعناع باحتواء زيته الطيار على تركيزات عالية تصل ل 90 % من مادة فعالة اسمها بيوليجون وهي مادة تتميز بقدرتها على قتل الحشرات والميكروبات وطردها وهذا يفسر زراعة هذا النوع في أوروبا على اسوار الحقول والقصور لطرد الحشرات كما ظهرت بعض المنتجات منه لرشها على الجسم لطرد الحشرات ويعتبر الزيت الطيار لهذا النبات شديد السمية رغم ان رائحته تشبه النعناع وظهرت في أوروبا بعض فيديوهات مشبوهة لاستخدامه في الإجهاض لقدرته القوية في اجهاض الحامل وتوفيت بعض الفتيات الصغيرة عند استخدامه لأنه سام وجرعته السامة قليلة جدا فقط 4 او 5 جرام كفيلة ان تسبب فشل كبدي وكلوي في الحال وتسمم شديد ونقاط قليلة من زيته الطيار تسبب تشنجات وسمية شديدة وليس له مضادات لهذه السمية غير الغسيل المعدي وبسرعه غير ان جرعاته القليلة تسبب الإجهاض للحامل فبالرغم من ظهوره في أوروبا كطارد للحشرات مذ قديم الأزل ويتم تتبع الفيديوهات الاوربية التي توصفه لعمل الإجهاض وتسببت في وفاة بعض الفتيات ولكن بداية ظهوره في بعض الأسواق العربية كنوع من أنواع النعناع لتقارب نكهته مع النعناع حتى لو كان انتشاره ضعيفا لكن يعد مؤشرا خطيرا خاصة ان عامة الناس قد تستخدم هذا النعناع كبقية الأنواع فلابد من محاصرة انتشار هذا النوع والتوعية بعدم تداوله في المتاجر ومراقبة الأسواق لأنه سام حتى لو كان بنفس نكهة النعناع ويختلف عن كل أنواع النعناع الأخرى المتداولة من قبل فلابد من محاصرته ومنع زراعته في بلادنا الا لأغراض طبية كطارد للحشرات مع الرقابة عليه
وتأتي هنا أهمية العلم فلولا صوت العلم وأهمية ودقة مقررات العقاقير والنباتات الطبية ما استطعنا التمييز بين هذا النوع السام والأنواع الأخرى من الشكل الظاهري وصفاته تحت الميكروسكوب ولولا مقررات كيمياء النبات ماكنا تعرفنا على المحتوى الكيميائي لهذا النوع بكل دقة وتعرفنا على المواد التي تسبب سميته الشديدة مقارنة بالأنواع الأخرى رغم تقارب الرائحة والنكهة ولولا مقررات التداوي بالأعشاب ورقابة جودة الاعشاب ماكنا اكتشفنا سمية هذا النبات والية عمله التي تسبب الإجهاض وسميته على خلايا الكبد والكلى وماكنا توصلنا لجرعته السامة التي تعتبر قريبة جدا جدا من الجرعة العلاجية وهذا يؤكد خطورته وضرورة سحبه من المتاجر والأسواق والمزارع التي ترغب في زراعته
ويأتي هنا الفرق فطريق الشعوذة والدجل تعامل على انه نعناع تقليدي بسبب جهله او جشعه مما تسبب في وفاة البعض والفشل الكبدي والكلوي للأخرين فكما اقرت منظمة الصحة العالمية ان التداوي بالأعشاب أكثر تعقيدا ودقة من الأدوية التقليدية وتحتاج متخصصين فقط للتعامل معها ورسالتي الأخيرة حرصا على حياة الانسان وصحة المجتمع من يريد ان ينزل ملعب التداوي بالأعشاب عليه احتراف المقررات السابق ذكرها التي يجب ان تنال المزيد من الاهتمام والتطوير في هذا العصر فهي الطريق الوحيد لتوفير دواء طبيعي أمن وفعال اما طريق الشعوذة والدجل حتى لو اتخذه حامل شهادة فهو طريق الموت وله ضحاياه فعلينا البحث فقط في المصادر الموثوقة والمنتجات المسجلة فعليا واستشارة الأطباء والصيادلة الشرفاء الذين لا يعرفون الا طريق العلم وليس غيره.