مرتبط
الصيدلانية الاء صلاح تكتب: الميثيلين الأرزق، هل هو مجرد صبغة؟

عُرف الميثيلين الأزرق (الميثيلثيونينيوم كلوريد) Methylthioninum chloride)) Methylene blue باستخدمه في البداية كمادة لصبغ الأقمشة، ومن ثم قام الباحثون باستخدامه في تلوين العينات المخبرية للتعرف على الميكروبات والطفيليات، وتطور فيما بعد ليتم استخدامه علاجياً للكثير من الأمراض مثل الملاريا، وكذلك في علاج أحد الاضطرابات النادرة المرتبطة بالدم يدعى الميثيموغلوبينية Methemoglobinemia ، وهو كذلك يستخدم كترياق في حالات التسمم بالسيايند، وقد كما يتم دراسة استخدمه في علاج الأمراض العصبية التنكسية Neurodegenerative diseases مثل مرض الزهايمر والباركنسون، بالإضافة إلى إمكانية استخدامه في حالات سرطان الجلد، وكمضاد للشيخوخة.
ما هو الميثيلين الأزرق؟
تم إنتاج الميثيلين الأزرق عام 1867م لغايات صبغ الأقمشة، ليدخل بعدها في مجالاتٍ أخرى ومنها المجالات الطبية. ويعد الميثيلين الأزرق بلونه المميز من المركبات الكيمائية الكاتيونية المصنعة ذات الوزن الجزيئي الصغير، وينتمي إلى عائلة الفينوثيازينات Phenothiazines، فهو عبارة عن فيونثيازين ثلاثي الحلقات Tricyclic phenothiazine قابل للذوابان في الماء وبعض المذيبات العضوية الأخرى. وقد مكنه صغر وزنه الجزيئي من الوصول إلى الأنسجة بشكلٍ سريع، حيث يمكن له أن يعبر الحاجز الدموي الدماغي Blood-brain barrier.
وعند اختزال الميثيلين الأزرق يتحول إلى مركبٍ آخر يدعى الليكوميثيلين الأزرقLeucomethylene blue ، وهذا يعني أنه يمكن استخدمه كمضاد للأكسدة، وعندما يطرح الميثيلين الأزرق في البول يكون على شكل خليط من الميثيلين الأزرق، والليكوميثيلين الأزرق، ومستقبلات منزوعة الميثيل demethylated metabolites. ومن الجدير بالذكر أن الميثيلين الأزرق يعتبر أول مركب صناعي يستخدم كمادة مطهرة في العيادات.
ما هي آلية عمل الميثيلين الأزرق على مستوى الخلية؟
قبل التطرق إلى فوائد الميثلين الأزرق، يجب فهم طريقة عمل هذه الصبغة الزرقاء وتأثيرها على خلايا الجسم، وفيما يلي عرض لذلك:
*دعم سلسلة نقل الإلكترون
يلعب الميثيلين الأزرق دوراً مهماً في ميتوكندريا الخلايا، والتي تعرف بأنها مصنع الطاقة في جسم الإنسان، والمسؤولة عن إنتاج الأدنيوسين ثلاثي الفوسفات Adenosine triphosphate-ATP المسؤول عن نقل وتخزين الطاقة، ويأتي دور الميثيلين الأزرق هنا من قدرته على التدخل كعامل أكسدة واختزال وناقل للإلكترون، وبالتالي يسهل من عملية نقله خلال سلسة نقل الإلكترون في الميتوكندريا، ويؤدي ذلك إلى سهولة إنتاج ATP، وما يتبعه من تعزيز للطاقة الخليوية، وتحسين الوظائف الخليوية بشكلٍ عام.
*تحسين وظيفة الميتوكندريا
بما أن الميثيلين الأزرق يعمل زيادة فاعلية الميتوكندريا،وعلى دعم سلسلة نقل الإلكترون، فهذا يعني أنه يعمل بشكلٍ مباشر على الرفع من أداء الميتوكندريا، فهو بذلك يساهم في تحسين عملية إنتاج الطاقة، وقدرة الخلية على التعافي والحفاظ على مرونتها، ولذلك يرى العلماء أنه قد يكون الحجر الأساس في تحسين الأداء البدني، والإدراكي لدى الإنسان.
*نشاط مضاد للإكسدة
يعمل الميثلين الأزرق كمضاد قوي للأكسدة، فهو يقوم بتحييد الجذور الحرة Free radicals، وهي عبارة عن جزيئات غير مستقرة تنتج بشكلٍ طبيعي خلال العمليات الخليوية الاعتيادية، ويمكن أن تتسبب في تلف الخلايا السليمة في حال تواجدات بكمياتٍ أكثر من المعتاد، أي أنه يقلل من الضرر الذي يمكن لهذه الجذور الحرة أن تتسبب به للخلية فيما يعرف بعملية الإجهاد التأكسدي. بمعنى آخر يمكن القول بأن للميثيلين الأزرق القدرة على التقليل من الالتهاب inflammation، وحماية الخلايا من التلف للوقاية من الإصابة بالأمراض المزمنة الناتجة عن الإجهاد التأكسدي المتواصل.
*حماية الخلايا العصبية وتثبيط بروتين الأميلويد
يصاحب عملية التنكس العصبي Neurodegeneration والذي يعرف على أنه الضرر التدريجي الذي تتعرض له خلايا الدماغ والأعصاب تراكم بروتينات مشوهة تعرف باسم بروتينات الأميلويد Amyloid protein،وهذه تؤثر بدورها على وظيفة الدماغ. يساهم الميثيلين الأزرق في حماية الخلايا العصبية من خلال تثبيط بروتينات الأميلويد، وإبطاء تراكمها ، وحماية الخلايا العصبية Neurons من التلف الناتج عن المواد السامة أو الإجهاد التأكسدي، ولذلك يرى العلماء أنه قد يكون الميثيلين الأزرق مرشحاً لعلاج أمراض التنكس العصبي مثل الزهايمر والباركنسون.
*تنظيم النواقل العصبية وتنشيط الذهن
يمكن أن يعمل الميثيلين الأزرق كمنشط للذهن Nootropic، ومحسن للوظائف الإدراكية من خلال الطرق التالية:
· تنظيم النواقل العصبية، وهي عبارة عن رسل كيميائية تسمح بالتواصل بين خلايا الدماغ، حيث يقوم الميثيلين الأزرق بدعم وظيفتها، وتحقيق التوازن فيما بينها من خلال تحسين إفرازهذه النواقل وإعادة امتصاصها، ومنها السيرتونين المسؤول عن المزاج، والدوبامين المسؤول عن تحفيز الإنسان واستجابته للمكافآت، والنورإبينفرين أو النورأدرينالين الضروري لأجل استجابة الجسم في حالة الطوارىء (المواجهة أو الهروب).
· تثبيط أكسيداز أحادي الأمين Monoaine oxidase، وهو اللإنزيم المسؤول عن تكسير النواقل العصبية مثل السيراتونين والدوبامين، مما يقل من توافرهما في الدماغ، ويقوم الميثلين الازرق بتثبيط هذا الإنزيم مما يؤدي إلى توفرهما بشكلهما النشط في الدماغ لفترة أطول لتحسين المزاج، والصفاء الذهني والتركيز.
· تحفيز الغوانوسين أحادي الفوسفات الحلقي Cyclic guanosine monophosphate-cGMP، وهذا الجزيء مهم جداً من أجل التواصل بين خلايا الدماغ، والتعلم والذاكرة، ويعمل الميثيلين الازرق على رفع مستويات هذا الجزيء لدعم صحة الدماغ، وقد يساعد ذلك الدماغ على تحسين العملية الإدراكية، والقدرة على حل المشكلات، والاحتفاظ بالمعلومات.
خفض الميثيموغلوبين
يعتبر الميثيلين الأزرق من العلاجات المهمة في علاج حالة نادرة تدعى الميثيموغلوبينية أو الميتهيموغلوبينية، ويؤدي هذا المرض إلى ضعف قدرة الدم على نقل الأكسجين إلى أنسجة وخلايا الجسم المختلفة بسبب وجود الميثيموغلوبين وهو شكل من أشكال الهيموغلوبين الذي يحتوي على أكسيد الحديد الثلاثي عوضاً عن الحديد فلا يكون قادراً على نقل الأكسجين بهذا الشكل. وهنا يعمل الميثيلين الأزرق على تحويل الميثيموغلوبين إلى هيموغلوبين فعال قادر على نقل الأكسجين بشكلٍ صحيح، أي أنه يعيد له قدرته على حمل الأكسجين.
ما هي فوائد الميثيلين الأرزق؟
يتضح مما سبق مدى فاعلية وتأثير الميثيلين الأزرق على خلايا الجسم، وفيما يلي فوائده المرجوة لصحة الإنسان:
· تحسين مستويات الطاقة وتقليل الشعور بالوهن والتعب: ويأتي ذلم من تأثير هذه الصبغة الزرقاء على ميتوكندريا الخلايا والذي يؤدي إلى زيادة معدل إنتاج الطاقة في الخلايا والذي ينعكس على الجسم بشكلٍ عام.
· تحسين الإدراك ووظائف الدماغ: فهو يعمل كمنشط للذهن بسبب قدرته على تنظين النواقل العصبية في الدماغ، وحماية خلاياه من الإجهاد التأكسدي، وهذا يعمل على زيادة التركيز، وتقوية الذاكرة والمحافظة على الصفاء الذهني.
· حماية الخلايا العصبية من الضمور والتلف: وذلك لقدرته على تثبيط بروتين الأميلويد الذي يتسبب في تلف الخلايا العصبية.
· محاربة مشاكل تقدم العمر والشيخوخة: من خلال قدرته على تحييد الجذور الحرة والتقليل من فرصة حدوث الالتهابات المزمنة، يمكن للميثيلين الأزرق محاربة واحد من أكثر مسببات التقدم بالعمر وهو الإجهاد التأكسدي، وبالتالي فهو يدعم صحة الخلايا من أجل شيوخة أكثر صحة.
· تحسين صحة الجلد ومقاومة علامات التقدم بالسن: وذلك بسبب خواصه المضادة للأكسدة، ودعمه لوظيفة الميتوكندريا، حيث يعمل على تجديد خلايا البشرة، والتقليل من مظهر الخيوط الرفيعة والتجاعيد، وغيرها.
· تحسين المزاج، وتقليل التوتر: من خلال قدرته على تنظيم مستويات النواقل العصبية، ومنع تكسر المواد المسؤولة عن المزاج مثل السيرتونين وغيرها، وقد ثبت أن للميثيلين الأزرق قدرة على علاج الاكتئاب.
· تحسين قدرة الجسم على استخدام الأكسجين والتعافي: فهو يساعد على وصول الأكسجين إلى أنسجة وخلايا الجسم بأفضل شكل ممكن ، وبالتالي يمكن أن يسرع من التعافي البدني، وتحسين الأداء الرياضي.
· دعم قدرة الجسم على التخلص من السموم: من خلال تحسين وظائف الميتوكندريا، والتقليل من أثر الإجهاد التأكسدي، وبالتالي يساعدال جسم على التخلص من السموم الضارة.
ما هي استخدامات الميثيلين الأزرق الحالية؟
يتم استخدام الميثيلين الأزرق حاليا في علاج ما يلي:
· الميثيوهيموغلوبينية (موافق عليه بشكلٍ رسمي من مؤسسة الغذاء والدواء الأمريكية).
· الملاريا.
· فطريات الأظافر.
· الصدمة الناتجة عن انخفاض ضغد الدم الحاد.
· اعتلال الدماغ الناتج عن اللإفوسفوميد Ifosfamide-induced encephalopathy.
· لأغراض تشخيصية.
ملاحظة هامة: إن الفوائد الكبيرة لهذه المادة الزرقاء لا يعني أنها آمنة بشكلٍ تام، حيث أن هناك تداخلات دوائية كثيرة معها، كما أن لها عدداً من الأضرار الجانبية، ولذلك وبطبيعة الحال لا يجب استخدام الميثيلين الأزرق كمادة علاجية إلا تحت إشراف طبي.

الصيدلانية آلاء صلاح
المصادر:
https://drtaniadempsey.com/what-is-methylene-blue-a-look-at-its-surprising-health-benefits/
https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC8699482/
https://www.sciencedirect.com/topics/neuroscience/methylene-blue
https://www.psychologytoday.com/intl/blog/the-leading-edge/202407/could-methylene-blue-help-treat-depression
https://www.goodrx.com/methylene-blue/methylene-blue-uses
https://www.sciencedirect.com/topics/chemistry/leucomethylene-blue
https://my.clevelandclinic.org/health/drugs/20881-methylene-blue-injection