د. عبد الرحمن طنبوز يكتب: الجندي المجهول CoQ10

د. عبد الرحمن طنبوز يكتب: الجندي المجهول CoQ10


يُعد Coenzyme Q10 (CoQ10)، المعروف أيضًا باسم اليوبيكوينون (Ubiquinone)، أحد أهم المركبات الطبيعية التي تتواجد في جميع خلايا الجسم. يتميز هذا المركب بدوره الحيوي في إنتاج الطاقة داخل الخلايا من خلال سلسلة نقل الإلكترون في الميتوكوندريا (Mitochondrial Electron Transport Chain)، حيث يُعتبر حلقة الوصل التي تُحول الطاقة الكيميائية الناتجة عن الغذاء إلى طاقة خلوية قابلة للاستخدام تُعرف باسم ATP (Adenosine Triphosphate)، وهو المصدر الأساسي الذي تعتمد عليه الخلايا في أداء وظائفها الحيوية اليومية.

إلى جانب دوره في إنتاج الطاقة، يُعد CoQ10 من أقوى مضادات الأكسدة (Antioxidants) الطبيعية، إذ يحمي أغشية الخلايا من التلف الناتج عن الجذور الحرة (Free Radicals)، ويُعيد تنشيط مضادات الأكسدة الأخرى مثل فيتامين E وC، مما يجعله خط الدفاع الأول ضد الشيخوخة المبكرة وتلف الخلايا. ومن الملاحظ أن مستويات CoQ10 في الجسم تبدأ بالانخفاض مع التقدم في العمر أو نتيجة بعض الأمراض المزمنة، مما يجعل المكملات الغذائية مصدرًا مهمًا لتعويض هذا النقص.

تلعب هذه المادة دورًا محوريًا في دعم صحة القلب (Cardiovascular Health)، إذ تساعد في تحسين كفاءة عضلة القلب وتقليل التعب العضلي، خاصة لدى المرضى الذين يعانون من قصور القلب الاحتقاني (Heart Failure). كما أظهرت دراسات عديدة أن CoQ10 قد يخفف من الأضرار الناتجة عن استخدام أدوية الستاتينات (Statins)، التي تقلل من إنتاج الكوليسترول ولكنها بالمقابل تقلل أيضًا من مستويات CoQ10 الطبيعية في الجسم، مما قد ينعكس سلبًا على طاقة الخلايا العضلية.

ولا يتوقف تأثير CoQ10 عند القلب فحسب، بل يمتد إلى الجهاز العصبي (Nervous System)، حيث يساهم في حماية الخلايا العصبية من التلف التأكسدي، وقد أظهرت الأبحاث أنه يلعب دورًا واعدًا في الوقاية أو التخفيف من تطور الأمراض العصبية التنكسية مثل مرض الزهايمر (Alzheimer’s Disease) والباركنسون (Parkinson’s Disease). كما لوحظ أن CoQ10 يُحسن من مقاومة الإنسولين (Insulin Sensitivity) ويساعد في تنظيم مستويات السكر في الدم (Blood Glucose Levels)، مما يجعله ذا فائدة إضافية لمرضى السكري النوع الثاني (Type 2 Diabetes).

تُعد اللحوم الحمراء، الدواجن، والأسماك الزيتية مثل السلمون والسردين من أهم المصادر الغذائية لـ CoQ10، إلا أن الكميات التي نحصل عليها من الطعام غالبًا غير كافية، مما يجعل المكملات الغذائية خيارًا فعالًا لتعويض النقص. وتتوفر هذه المكملات على شكل كبسولات أو Softgels، بجرعات تتراوح عادة بين 100–300 ملغ يوميًا، تُحدد وفق الحالة الصحية وتوصيات الطبيب.

من الناحية العلاجية، يُستخدم CoQ10 في دعم حالات أمراض القلب، اضطرابات الميتوكوندريا، والوقاية من الأضرار التأكسدية التي تصيب العضلات والأعصاب. كما أنه يُعتبر عنصرًا مساعدًا في تأخير مظاهر الشيخوخة وتعزيز الأداء الحيوي للخلايا. ورغم أنه يُعد آمنًا إلى حد كبير، إلا أن بعض الأشخاص قد يعانون من آثار جانبية خفيفة مثل الغثيان أو اضطرابات المعدة، كما يُنصح بالحذر عند تناوله مع أدوية مضادات التجلط (Anticoagulants) مثل الوارفارين (Warfarin).

في النهاية، يُمكن القول إن CoQ10 هو المقاتل الشرس داخل خلايا الجسم، الذي يجمع بين القوة في إنتاج الطاقة والقدرة على مقاومة الإجهاد التأكسدي. إن دوره الحيوي في حماية القلب، ودعم الدماغ، وتنظيم السكر في الدم يجعله أحد أهم المكملات الداعمة للصحة العامة. ومع ازدياد التوترات البيئية، والأنظمة الغذائية الفقيرة بالعناصر الحيوية، تزداد أهمية هذا المركب ليبقى حقًا السر الأبرز في حماية الجسم واستعادة حيويته من الداخل.

Tags

Share this post:

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore
%d مدونون معجبون بهذه: