مرتبط
مراحل تطور الطب الصيني
ما هو الطب الصيني، وكيف نشأ؟ ما هي مراحل تطوره وعلى أي المبادئ يعتمد ويرتكز في شفاء الأمراض؟
بدأ استخدام الطب الصيني منذ القدم، حين امن الصينيون في تلك الحقبة من الزمن أن الأمراض ما هي إلا شياطين وأرواح اقتحمت الجسم. وقد أطلق على الطبيب الذي عالج تلك الأمراض، في حينه، لقب “الساحر”، وكانت وظيفته إزالة الشياطين والأرواح التي اقتحمت الجسم بواسطة طقوس مختلفة.
بعد فترة معينة، تغيرت أشكال التفكير والإيمان في الصين، وتطورت المعرفة بصدد القوانين الكونية، وعلم الفلك والرياضيات. وهكذا توقف الفلاسفة عن اعتبار الأمراض أرواحا وشياطين اقتحمت الجسم، وأدركوا أنها تعمل في إطار قوانين معينة. وهكذا نتج الإدراك بأن الأمراض والالام ناتجة عن انعدام التجانس وانحراف التوازن العام.
بموجب الاعتقادات السائدة في الصين، فإن هتاو، هو “أحد” ليس له اسم ومصدر، وهو بداية السماء والأرض. ومنه خرج اثنان: يين ويانغ، اللذان خلقا ثنائية السماء والأرض، الذكر والأنثى، السبب والنتيجة، الشمس والقمر. عمليًا، سنجد هذه الثنائيات في كل مكان في العالم وفي حياة الإنسان. لقد وجد الصينيون في هذين الاثنين الحاكمين والمؤثرين على التوازن الموجود في عالم الجماد، النبات والحي، وكذلك في عالم الإنسان. هنالك من يقول إن هذا الإيمان وصل الصين بواسطة قوى خارقة أو بواسطة أناس عمالقة، جلبوه من أيدي سيدنا إبراهيم كهدية للقيصر الصيني من أجل البحث والتطوير.
للطب الصيني أربعة أساليب، تهدف للحفاظ على التجانس والتوازن في الجسم. ويطلق على هذه الأساليب اسم الأعمدة الأربعة:
- النبات والغذاء- ملاءمة النباتات ذات الطاقة، المذاق، ودرجة حرارة، للشخص المريض، وذلك بهدف موازنة انعدام التجانس والتناسق السائد داخله، بين يين ويانغ. مثلا علاج الإصابة بالبرد بواسطة القرفة الساخنة.
- الوخز بالإبر- علاج بواسطة إبر رفيعة ودقيقة مصنوعة من الفولاذ والنحاس، يتم استخدامها كـ”بطارية كهربائية” من أجل توجيه تدفق الطاقة في جسم الإنسان. بالإضافة إلى كي وتسخين النقاط التي سيتم إجراء الوخز فيها، وذلك بواسطة إشعال عشب نبتة الميرمية، من أجل تحفيز وتسريع خطوط الطول (وهي قنوات الطاقة في الجسم). وفق العلم الحديث، فإن هذه القنوات تحاذي كلا من الجهاز العصبي، المنظومة الليمفاوية، والسوائل التي بين الخلايا.
- توينا تدليك- أسلوب تدليك تطور على امتداد 4000 عام، وما زال، حتى يومنا هذا، اخذا بالتطور. يقوم هذا الأسلوب بتحفيز قنوات الطاقة وعدة نقاط في الجسم، بواسطة الضغط، التحريك، الفرك، استعمال الزيوت والأعشاب الطبية المنشطة.
- تمارين تشي كونغ – هي حركات للتنفس تتم بشكل ذاتي بهدف الوصول إلى توازن داخلي في الجسم.
حتى يومنا هذا، يواصل الصينيون استخدام العلاج بالطب القديم. وتقوم المستشفيات بتوجيه المرضى للعيادة من أجل الحصول على العلاج وفق أساليب الطب الحديث، فقط بعد أن يكون قد تم علاجهم وفق أساليب الطب الصيني. على سبيل المثال فإن المتعالج الذي يعاني من الانزلاق الغضروفي (الديسك)، يتم توجهيه في البداية إلى إجراء الوخز والـ”توينا”، وفقط بعد ذلك يتوجه للطب الحديث.
لا يقتصر استخدام الطب الصيني التقليدي على مستشفيات الصين فحسب، بل إن المستشفيات التي تقدم العلاج وفق أساليب الطب الحديث في الغرب، ترى في الطب الصيني أداة مساعدة لعلاج الألم، مشاكل النوم، انعدام التوازن الهورموني، مشاكل الهضم، مشاكل الأعصاب، وغير ذلك. لقد بحث الطب الحديث أيضًا في موضوع الطب الصيني، فأكدت أبحاثه أن الطب الصيني، يساعد أحيانًا، أكثر من الدواء والعمليات.