د. حنين عبيدات تستعرض بقلمها الرشيق “رحلتي في الصيدلة في السنوات الماضية حتى الآن “

د. حنين عبيدات تستعرض بقلمها الرشيق “رحلتي في الصيدلة في السنوات الماضية حتى الآن “

بعض ذكرياتنا لا نستطيع نسيانها أو تجاهلها ، تسري في شراييننا و محفورة في قلوبنا و لن تزول ، لأنها كانت أساس نجاحنا وبداية لمشوار حياتنا و صانعة لمستقبلنا ، ذكريات أثارت فينا شجن العودة إليها لنعيش لحظاتها الجميلة التي كونتنا من الداخل و صقلتنا لنستمر في الحياة .
كذكرياتي مع كليتي/ كلية الصيدلة ، و جامعتي / العلوم والتكنولوجيا ، كانت من أرقى و أجمل الذكريات مع الزملاء والزميلات والصديقات و الرفيقات و الأساتذة في الكلية و الجامعة ، لن أنسى جلساتنا في سكوير الصيدلة و تميز طالبات الصيدلة بنظر كل طلاب الجامعة ، فينعتوهن بالنرجسيات و الراقيات ، والجميلات _ هكذا كانوا يقولون _ و لم يخطؤا البتة ، تعلمت ثقافات كثيرة من كليتي و زميلاتي من جنسيات أخرى ، و سلوكيات كثيرة رائعة و لا زالت معي ترافقني ، لن أنسى أيام الإمتحانات و طريق البترا ، و محاضرة الساعة الرابعة أيام الشتاء والوصول الى البيت بعد العشاء ، لم أنسى مواقف جميلة قد حدثت و لن أنسى .
جاء يوم التخرج تلك الفرحة التي لن أسلاها في حياتي ، قدمت يومها كلمة خريجي دفعة 2012 وكنت بكامل تألقي وثقتي بنفسي ، تخرجت وكان الجميع مسرور بذلك ، بالرغم من أن والدي كان غائبا عني بسبب السفر ولكني كنت أتخيله سيأتيني بأي لحظة وأنا على منصة التخريج يصدح صوتي بكل محبة و غصة للخريجين والأهالي والأساتذة والكلية والجامعة ليحضنني و يبارك لي أمام الجميع ولكن لم يحدث ذلك ، فغمرني الجميع بمحبته و لن تزول دمعات أمي من ذاكرتي و هي تحضنني و قد انجزت دكتورة في بيتها .
بعد تخرجي عملت في صيدليات و مندوبة أدوية و أسست صيدلية ، علمني عملي كثيرا ، تعاملت مع الفقير والغني والمحتاج والنرجسي والمتعالي والمتواضع والبسيط ، تعاملت مع كل الفئات ، تعرضت لمواقف علمتني كيف يفكر المجتمع ، كيف يفكر الذكر ، وكيف تفكر الأنثى ، تعلمت الإنسانية ، ولم أكن إلا إنسانية هكذا علمتني مهنتي ” مهنة الإنسانية والحسنى ” كنت في منتهى الصبر مع المرضى ، في منتهى المحبة ، في منتهى الإحتواء لهم مهما كانت ثقافتهم ، لم يخرج من صيدليتي أي مريض إلا و هو مرتاح نفسيا ، كنت معالجة نفسية و ممارسة للرعاية الصحية ومقدمة خدمات طبية و معلومات صحية و صيدلانية ، قمت بمبادرات فردية لتغطية اكبر عدد من المرضى المحتاجين بالأدوية اللازمة ، و وصلت مبادرتي للعقبة .
كانت المواقف الإنسانية التي أراها أمامي تترسخ كصورة في عيني لأتعلم منها معنى الحياة وكيف يعيش الآخرون و كيف يتعاملون ، وكيف يرون الحياة .
و في فترة وجيزة أصبحت حرفا مهما في نقابتي ، فأصبح المعظم يعرف نشاطي النقابي وآرائي و مواقفي واشتهرت بمقالاتي التي تخص النقابة و المهنة ، فاحتضنتني نقابتي وكرمتني في احتفالية خاصة أنا وزميلات لي ، و كرمتني مجلة علوم الصيدلة كمحاضرة في إحدى ندواتها و كرمتني كليتي في الجامعة أيضا ، فكان هذا شرف لي ، افتخر به و أضعه نبراسا على صدري للأبد .
رحلتي مع الصيدلة علمتني معنى الحياة و كيف الحياة ، و علمتني متى الدموع والحزم يكونان و متى الابتسامة و المرونة يكونان ، ستستمر رحلتي و لن تنتهي و سأمضي بها بكل محبة و ود لها و لعناصرها ومواقفها و الظروف التي ستمر بها .

#حنين عبيدات

Tags

Share this post:

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore
%d مدونون معجبون بهذه: