مرتبط
عندما تتوحش الأعشاب !!! بقلم الاكاديمي المصري د. خالد مصيلحي
دكتور خالد مصيلحي إبراهيم – قسم العقاقير والنباتات الطبيه – كلية الصيدله – جامعة القاهره
الأعشاب والنباتات الطبيه دوما صديقا لنا ومنذ قديم الازل والطب الشعبي يعتمد اساسا على العلاج بالاعشاب وفي العصر الحديث أصبحت الأدوية العشبيه او المشتقه من مصادر طبيعيه تمثل 70% من اجمالي الأدوية في الأسواق ولكن في الاونه الاخيره هذا الصديق تحول الى وحش كاسر واصبحنا نسمع عن مشاكل صحيه خطيرة والمتهم فيها الاعشاب وقد تصل هذه المشاكل الى الوفاة فماهو السر وراء توحش الاعشاب في العصر الحديث ومن هو المسئول عن تحولها من صديق يعالج اغلب الامراض الى وحش ينهش في اجسامنا ويسبب الامراض او يفاقم اعراضها وهل هناك وسيلة لاعادة ترويض هذا الوحش ليعود صديقا وفيا يدعم صحتنا ويعالج امراضنا …. فلنأتي لاسباب توحش الاعشاب والنباتات الطبيه
تتوحش الاعشاب عندما تسيء تخزينها ولاتحترم شروطها في التخزين فتصبح مصدر لفطريات تفرز سموم تفتك بصحتنا وتنهك الكبد والكلى وتكون أشد توحشا على أطفالنا الذين قد يفزعون من توحشها وسمومها..
تتوحش الأعشاب عندم تستغل جمالها وصداقتها للترويج للمواد المخدرة مثل مخدر الأستروكس الذي يستغل اجمل النباتات العطريه كالنعناع والبردقوش ويخبأ في طياتها ويرشها بمواد مصنعه ومخدرة تفتك بالجهاز العصبي وتدمر شبابنا ومجتمعنا فهي لازالت صديقا ولكن تلوثها بهذه المواد حولها لوحش كاسر يدمر كل من يتعاطاها
تتوحش الاعشاب عندما نتناولها بجرعات كبيره اكبر مما اتفقت معانا عليه مثل تناول كميات كبيرة من القرفه والزنجبيل قد يسببان الاجهاض للحوامل وكما هو متداول بالخطأ ان تناول كميات كبيرة يوميا من الشاي الاخضر ينقص الوزن فيتحول الشاي الاخضر من صديق عزيز ينشط الخلايا وينقي الجسم من السموم الى وحش كاسر في الجرعات الكبيرة يسبب قرح في المعدة والقولون وينهك خلايا الكبد .
تتوحش الاعشاب عندما لانسمع كلامها وتحذيراتها انها لاتحب الشريك وانها قد تتفاعل مع الأدويه وتقلل فاعليتها او تزيد سميتها كما هو الحال في الجريب فروت الذي يزيد الأثار الجانبيه للأدويه ونبات الهيبركم الذي يقلل فاعلية الأدويه فكلاهما لهما فوائد عديدة تجعلهما خير صديق ولكن تناولهما مع بعض الادويه في نفس الوقت يفسد هذه الادويه فتتحول الأعشاب لوحش يفسد أي دواء يدخل معه جسمنا في نفس الوقت..
تتوحش الاعشاب عندما نسيء استخدامها مثل زيت النعناع الذي يعد صديقا وفيا لمرضى القولون العصبي ولكن قد يتوحش و يسبب ارتجاع في المريء والتهابا به اذا استخدم بطريقه خاطئة ..
تتوحش الاعشاب عندما نروج عنها معلومات خاطئه سواء بالمبالغه في تأثيراتها او ترويج معلومات عنها غير صحيحه كالمدعين الذين يروجون كذبا ان عشبا واحد قد يعالج كل الامراض وليس لها اي اثارا جانبيه فطبيعي ان تتوحش علينا الاعشاب لاننا اصدرنا عنها معلومات غير صحيحه فهي صديقة للصادقين فقط..
تتوحش الأعشاب عندما نتهمها زورا انها ضعيفه ويكون سبب ضعفها خطأ في طريقة تحضيرها مثل ترك النعناع والنباتات العطريه يغلي في الهواءالطلق حتى تتطاير مواده الفعاله في الهواء ويظل النعناع ضعيفا بدون أسلحته الفتاكه وتتهمه بالضعف وانت السبب في تجريده من قوته ومواده الفعاله
تتوحش الأعشاب عندما تجد بعض الكليات الطبيه تتكبر عليها وترفض تدريسها والتعرف على أسرارها رغم ان معظم الأدوية الحاليه طبيعيه او مشتقه من مصدر طبيعي فهي صديقه لمن يوصفها عن دراسه وعلم ووحش كاسر على من يوصفها او يتحدث عنها في البرامج الاعلاميه لمجرد السمع عنها و دون دراسه او علم
تتوحش الاعشاب عندما نريد ان نسأل عنها ونتجاهل أصحابها والمتخصصين دارسي علوم التداوي بالاعشاب ونستمد معلوماتنا من أعداءها الدجالين والمشعوذين او من المواقع المشبوهه التي تضلل المجتمع بمعلومات مغلوطه عن الاعشاب..
تتوحش الاعشاب عندما نشتريها من مصادر مجهولة تتعمد اهانتها سواء على السوشيال ميديا او من على الارصفه او من محترفي الغش ويشوهون شكل الأعشاب وتناغمها بخلطها بمواد اخرى محرمه او خطر على الصحة غير معلنه مثل اضافة مادة السبيوترامين على اعشاب او منتجات انقاص الوزن المجهولة المصدر فبدلا من ان تنقص الوزن تتوحش وتسبب مشاكل بالقلب والاوعيه الدمويه وقد تفتك بحياتنا ..
ونأتي للسؤال الاهم لماذا في العصور الحديثه توحشت الاعشاب رغم التقدم العلمي في مجال التداوي بالأعشاب والاجابه بمنتهى البساطه ان الأعشاب لكي تصبح صديقا وفيا لاترضى الا بلغة العلم في الحوارمعها ولكن في الاونه الاخيره اصبحت لغة المال والكسب السريع تطغي على لغة العلم وعندما غاب عن الاعشاب لغة العلم وفقدت الدليل العلمي او تاهت في وسط تجار الصحة الذين يتاجرون بالام مرضانا توحشت الاعشاب ولازال هناك فرصة لترويضها ولكن فقط برجوع الحوار العلمي بيننا وبين الاعشاب عندها فقط قد نستطيع العودة بالاعشاب الى طريق الصداقة ونهدأ روعها وتوحشها.
فالأعشاب ليست هي المتهم بل نحن من حولناها من صديق وفي الى وحش كاسر ولن نلوم الا انفسنا لتقصيرنا في التوعيه المجتمعيه ونشر مبدأ وهو ضرورة اقتران العلاج بالاعشاب بالدليل العلمي وان تكون تحت اشراف طبي ونأمل ان تعود الينا سريعا صديقا وفيا بعد محاربة كل اسباب توحشها وترويضها من جديد