مرتبط
ما هو الفرق بين البكتيريا والطفيليات والعدوى الفيروسية؟
البكتيريا
عندما يصيبك مرض ما في بلد متقدم، فهناك دائماً احتمال أن يكون مرضك ناتجاً إما عن إصابتك بالبكتيريا أو بالفيروس، فالبكتيريا موجودة في كل مكان – على أسطح المناضد، ومقابض الأبواب، حتى في داخلنا- وفي الواقع، فإن معظم البكتيريا تكون مفيدة، أو غير ضارة على الأقل، ولكن الأقلية التي لا تتجاوز الواحد في المئة منها هي التي يمكن أن تثير المتاعب، كما يتبادر إلى الأذهان عندما يفكر شخص ما بهذه الكائنات الدقيقة.
البكتيريا هي كائنات وحيدة الخلية، يمكن أن تتكاثر دون الحاجة لوجود مضيف، وتكون قادرة على الازدهار والنمو في العديد من أنواع البيئات، ولكن البكتيريا المسببة للأمراض والتي تكون قادرة على إصابتنا بالمرض يمكن أن تسبب مجموعة واسعة من الأعراض السيئة، وإذا ما تركت دون علاج، فستكون أكثر من قادرة على قتلنا، ولكن لحسن الحظ، مازال لدينا أداة قوية في صالحنا، وهي المضادات الحيوية.
هذه الأدوية التي أحدثت ثورة في الطب في القرن الـ 20، أصبحت بمثابة نعمة ونقمة، فقد سمحت هي والتطعيم بالقضاء تقريباً على أنواع من الأمراض مثل السل في العالم المتقدم، ولكن هذا النجاح، أدى إلى تشكيل الكثير من المفاهيم الخاطئة حول المضادات الحيوية، وأكثر تلك المفاهيم إحداثاً للضرر هو أن المضادات الحيوية يمكن أن تكون فعالة ضد أي نوع من الميكروبات، بما في ذلك الفيروسات، وعلى الرغم من أن المضادات الحيوية غير فعالة في ما يخص حالات الإصابات الفيروسية، إلّا أن ذلك لم يمنع المرضى من طلب المضادات الحيوية حتى عندما لا تكون مفيدة في مساعدتهم على التخلص من المرض، كما لم يمنع الأطباء من وصفها لهم بشكل غير صحيح، وقد خلق ذلك المزيج من الإفراط في وصف المضادات الحيوية واستخدامها لعلاج الحيوانات نوعاً جديداً من الأمراض الوبائية، وهي البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.
الفيروسات
لعل أكثر المسببات غموضاً للأمراض هي الفيروسات، تلك الكائنات التي تحتل مساحة فريدة من نوعها في عالم الأحياء، فعلى اعتبار أنها “كائنات يمكن أن تعيش على حافة الحياة”، استطاعت الفيروسات إظهار مجموعة من الخصائص التي حيرت العلماء في محاولتهم لتصنيفها، فمن جهة، تمتلك الفيروسات للجينات، وتتطور من خلال الانتخاب الطبيعي، وهي قادرة على التكاثر، ولكن من جهة أخرى، فإن الفيروسات لا تمتلك بنية خلوية وغير قادرة على القيام بعملية الأيض بنفسها، وتتطلب خلية مضيفة لتتكاثر، إلّا أنه وبغض النظر عما إذا كانت تناسب تعريفنا للحياة، يمكن للفيروسات أن تعيث فساداً في مجموعة متنوعة من الخلايا في جسم الإنسان، فبعضها يهاجم خلايا الدم، وبعضها الآخر الجهاز التنفسي، والبعض منها يستهدف الكبد، وهلم جراً.
في كثير من الأحيان، تكون الأعراض الفيروسية مماثلة لتلك التي تسببها الالتهابات البكتيرية، ولكن هذا لا يعني أن الأدوية ذاتها يمكن أن تعالجها على نحو فعال على حد سواء، فالمضادات الحيوية ليست فعالة ضد الفيروسات بأي شكل من الأشكال، والعديد من منظمات الصحة العامة تحذر الآن من استخدام المضادات الحيوية حتى يتأكد الطبيب من أن المريض يعاني من عدوى بكتيرية، وعلى الرغم من أن اللقاحات يمكن أن تساعد في منع الإصابات الفيروسية، إلّا أن علاج الالتهابات الفيروسية ما يزال صعباً، حيث أننا نمتلك بعض الأدوية التي يمكن أن تبطئ من تطور الفيروسات، وأدوية يمكن أن تخفف من الأعراض، ولكن معظم الأوقات، تكون مهمة هزيمة الفيروس ملقاة على عاتق الجهاز المناعي للجسم.
تماماً مثل البكتيريا، يمكن للفيروسات الانتقال إلينا من خلال أي شيء تقريباً، السطوح والجراثيم في الهواء، وسوائل الجسم، ولكن هذا لا يعني أن جميع الفيروسات تنتقل من خلال أي شيء، فعلى سبيل المثال، يمكن للإيبولا أن تنتقل فقط عن طريق الاتصال المباشر مع سوائل جسم الشخص المصاب.
الطفيليات
أحيانا نسمع الأشخاص وهم يصفون غيرهم من البشر على أنهم طفيليات، وهذا يعني على الأرجح أن الشخص يعتمد دائماً على الآخرين ويستغلهم لكسب عيشه الخاص، وهذا وصف دقيق، فالكائنات الدقيقة الطفيلية تفعل ذلك بالضبط، ولكن بالطريقة البيولوجية بدلاً من الطريقة الاجتماعية، فالطفيليات تحتاج إلى مضيف لتستطيع البقاء على قيد الحياة، وهي تستخدم ذلك الشيء الحي الآخر ليوفر لها المأوى والغذاء، وعلى الرغم من أن العديد من الطفيليات لا تؤثر سلباً على مضيفيها، إلّا أن بعضها يمكن أن ينتج السموم التي تجعل المضيف يصاب بالمرض، كما ويمكن للطفيليات أن تشمل أنواعاً معينة من البكتيريا والفيروسات، فجميع الفيروسات تحمل خصائص الطفيليات، ولكن نظراً لكونها شبه حية فقط، فهي لا تعتبر غالباً على أنها من الطفيليات.
اليوم، أصبحت الالتهابات الطفيلية تشكل مشكلة كبيرة في المناطق النامية والريفية في العالم، وذلك بسبب سوء تصميم الصرف الصحي والعادات غير الصحية، كما أن العديد من الأمراض المدارية التي لا تحصل على الاهتمام اللازم من باقي أصقاع العالم في مجال الصحة العامة، هي بسبب الطفيليات، والجدير بالذكر أن المياه والأغذية الملوثة بمياه الصرف الصحي هي الطريقة الأكثر شيوعاً التي تقوم من خلالها الخلايا الطفيلية بإصابة كائنات جديدة، ويمكن أيضاً أن تنتقل الطفيليات من خلال المواد الغذائية التي تم العبث بها أو غير المطبوخة جيداً، وبالطبع، يمكن للحشرات أن تكون بمثابة ناقلات تحمل الطفيليات إلى المضيف أيضاً.
يمكن تشخيص وجود طفيلي من خلال اختبار البراز أو اختبار الدم، وفي حالات خاصة، يمكن أن تكون الأشعة السينية أو الرنين المغناطيسي قادرة على تحديد الطفيليات في الجسم، واعتماداً على طبيعة الطفيلي، يتم استخدام المضادات الحيوية أو الأدوية الأخرى التي يمكنها علاج هذا المرض، ولكن للأسف، بعض الطفيليات ليس لها علاج.