مرتبط
د. روان عبد السلام تكتب حول : الصداع .. انواعه وعلاجه

من منا لم يعاني خلال فترة من فترات حياته من مشكلة الصداع فهي تعتبر من أكثر الشكاوى الصحية شيوعاً.فالصداع هو عبارة عن ألم في أي منطقة من الرأس و قد يكون على جانب واحد من الرأس أو كلا الجانبين و قد يكون ألماً شديداً أو حاداً أو احساساً بالنبض و يمكن أن يتطور بشكل مفاجىء أو تدريجياً.
وقد يؤثر الصداع على أي شخص بغض النظر عن العمر و الجنس و عادة ما يساعد وصف الحالة و نوع الألم و توقيت و نمط النوبات الطبيب في تشخيص الحالة و تحديد العلاج الملائم .
و يقسم الصداع إلى نوعين :صداع أولي و ثانوي .
فالصداع الأولي لا يرتبط بأمراض أخرى و يحدث بسبب الإفراط في النشاط أو مشاكل في تراكيب الرأس التي تكون حساسة للألم .فمن الممكن أن يلعب النشاط الكيميائي في الدماغ أو في الأعصاب أو أوعية الدم التي تحيط بالجمجمة أو عضلات الرأس و الرقبة أو هذه العوامل مجتمعة دوراً في نشوء الصداع الأولي و تجدر الإشارة هنا إلى أنه قد يحمل بعض الناس عوامل وراثية تجعلهم أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بهذا النوع من الصداع .
و تشمل أنواع الصداع الأولي :
١-الصداع التوتري (Tension Headache)و هو أكثر هذه الأنواع شيوعاً و من اسمه فهو ينتج عن التوتر و القلق و يحدث عادة في مؤخرة الرأس و على جانبيه و ينتشر الألم من و إلى الرقبة و هو يوصف كشعور ربط رأسك برباط مشدود و عادة هو عبارة عن ألم حاد أو معتدل و قد يستمر من نصف ساعة إلى أسبوع و من الممكن أن يستمر لمدة ١٥ يوماً أو أكثر شهرياً و هو ما يعد بالصداع التوتري المزمن .
٢- الصداع النصفي الشقيقة (Migraine Headache)و هو أكثر شيوعاً عند النساء و يستمر الصداع النصفي عادة من ٤-٧٢ ساعة مالك يعالج و عادة يصاحبه أعراض كلاسيكية مثل ألم في أحد جانبي الرأس عادة و لكن ممكن أن يحصل في كلا الجانبين -إحساس بالنبض-حساسية للضوء و الصوت و أحياناً حتى الروائح بالإضافة إلى القيء و الغثيان .
٣- الصداع العنقودي (Cluster Headache)و سمي بذلك لأنه يحدث بأنماط دورية أو فترات عنقودية و هو أكثر أنواع الصداع إيلاماً و يحدث لدى الرجال أكثر و عادة ما يوقظ المصاب به في منتصف الليل بألم شديد في عين واحدة أو حولها في أحد جانبي الرأس .و يمكن أن تستمر نوبات الصداع العنقودي من أسابيع إلى شهور .و يؤدي إلى انسداد أو سيلان الأنف و ارتخاء الجفن على الجانب المصاب .و من حسن الحظ أنه نادر الحدوث.
و يمكن أن تحفز عوامل نمط الحياة بعض أنواع الصداع الأولية و من هذه العوامل المشروبات الكحولية خاصة النبيذ الأحمر -الأطعمة المحددة مثل اللحوم المعالجة صناعياً التي تحتوي على النترات -التغييرات في النوم أو قلة النوم -وضعية الجسم السيئة-تفويت وجبات الطعام و الإجهاد.
أما الصداع الثانوي :فيعد عرضاً لوجود مرض و تتضمن الأسباب المُحتملة له :التهاب السحايا -ورم الدماغ -التهاب الجيوب الأنفية الحاد-التسمم بأول أكسيد الكربون -الجفاف-مرض فيروس كورونا المستجد كوفيد( ١٩ )-مشاكل الأسنان -عدوى الأذن الوسطى -ارتفاع ضغط الدم -الانفلونزا و أمراض الحمى -نوبات الهلع-السكتة الدماغية-الإفراط في استخدام مسكنات الألم و هو ما يطلق عليه الصداع الارتدادي(Rebound Headache)بسبب تناول أدوية لعلاج الصداع بشكل مستمر و لفترات طويلة .
و كما ذكرنا يمكن أن يكون الصداع عرضاً يشير إلى مشكلة صحية خطيرة كالتهاب السحايا و السكتة الدماغية لذلك يجب مراجعة الطبيب إذا كان الصداع أكثر شدة من المعتاد أو ازداد سوءاً و لم يتحسن باستخدام الدواء أو كان مصحوباً بأعراض أخرى مثل الارتباك الذهني و التغيرات الحسية كصعوبة التكلم و المشي و الرؤيا -الحمى -تصلب في الرقبة و الإغماء .
بالنسبة لعلاج الصداع من الممكن إعطاؤه مسكنات الألم البسيطة بدون وصفة طبية (OTC)مثل :paracetamol أو Acetaminophen -Aspirin-Ibuprofen.
كما يمكن للطبيب أن يصف أدوية بوصفة طبية مثل أدوية التريبتانات مثل سوماتريبتان .
و الأدوية الوقائية لتقليل معدل تكرار و شدة النوبات مثل مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات (Tricyclic Anti Depressants) و الأدوية المضادة للصرع أو الاختلاجات مثل توبيراميت (Topiramate)و حاصرات بيتا مثل بروبرانولول و العقاقير المضادة للغثيان في الشقيقة مثل ميتوكلوبراميد.
و في الصداع العنقودي يتم استخدام الأكسجين باستخدام قناع لاستنشاق الأكسجين لفترة وجيزة و حاصرات قنوات الكالسيوم فيراباميل و قد يتضمن بعض الاثار الجانبية له مثل الإمساك و الغثيان و التعب و تورم الكاملين و انخفاض ضغط الدم و من الممكن استخدام الكورتيكوستيرويدات مثل بريدنيزون .
و من المهم اتباع نصيحة الطبيب لأن الإفراط في تناول مسكنات الألم و علاجات الصداع ممكن أن يؤدي إلى ارتداد الصداع و علاج الصداع المرتد (Rebound Headache)يكون وفقاً لنوع العقار المستخدم فقد يقوم الطبيب بتقليل أو وقف العلاج و في الحالات القصوى قد تكون هناك حاجة إلى المكوث في المستشفى لمدة قصيرة بهدف إدارة الانسحاب بأمان و فعالية .
ولابد هنا من الإشارة إلى مخاطر الإفراط في استخدام مسكنات الألم الذي يعد شائعاً يشكل كبير فالإفراط في استخدام الباراسيتامول أكثر من الجرعة المسموحة يومياً وهي 4gmتؤدي إلى التلف الكبدي كما أن الإفراط في استخدام مضادات الالتهاب اللاستيرويدية (Non Steroidal anti inflammatory drugs)مثل الأيبوبروفن ممكن أن يؤدي إلى قرحة في المعدة و مشاكل نزفية و التأثير على الكلى مسبباً الفشل الكلوي ، كما أن هذه المسكنات يمنع إعطاؤها لمرضى الربو (Asthma)لأنها تسبب تضيق النفس و ضرر للرئتين كما أنها تسبب مشاكل عديدة في القلب و الأوعية الدموية مثل ارتفاع ضغط الدم و السكتات الدماغية.
و من المهم أن نذكر أن Aspirin وهو من مضادات الالتهاب اللاستيرويدية لا يعطى للأطفال أقل من ١٦ سنة لأنه يسبب متلازمة خطيرة تصيب الكبد و الدماغ و هي متلازمة Reyes Syndrome خاصة أثناء إصابتهم بنزلة برد او إنفلونزا أو أمراض فيروسية أخرى، كما يجب على المريض التوقف عن تناول الأسبيرين قبل إجراء أي عملية جراحية لمدة أسبوع على الأقل لأنه ممكن أن يسبب نزيفاً أو مضاعفات أثناء العملية .
فيجب تناول المسكنات و استعمالها فقط عند الضرورة القصوى و تحت إشراف طبي صيدلاني و عدم تجاوز الجرعات العلاجية المقررة و المدة الزمنية لأنه في هذه الحالة يجب الرجوع إلى الطبيب لتشخيص السبب وراء الألم و علاجه و ليس الحل في زيادة الجرعة و الإفراط في استعمال المسكنات الذي قد يعرضنا للخطر الشديد .