مرتبط
مع انتشار السعال (الكحة): كيف تختار النبات أو الدواء العشبي المناسب لنوع السعال
د. خالد مصيلحي إبراهيم – أستاذ العقاقير والنباتات الطبية بكلية الصيدلة جامعة القاهرة
مع زيادة برودة الطقس وزيادة انتشار الأمراض الفيروسية التي تهاجم الجهاز التنفسي ازداد الطلب على المشروبات العشبية الدافئة وادوية السعال الطبيعية خاصة في ظل استمرار السعال والكحة بعد انتهاء الدور وكما هو معروف ان السعال قد يكون جافا وقد يكون مصحوبا بمخاط وفي كل حالة بروتوكول العلاج مختلف تماما حيث ان السعال المصاحب بمخاط وبلغم لابد من إعطاءه ادوية او مشروبات مذيبة وطاردة للبلغم mucolytic & expectorant وهي تزيد نوعا ما السعال لمساعدة الجهاز التنفسي في طرد المخاط ويتعارض معها أي ادوية تهدئ السعال او ادوية السعال الجاف لان الهدف طرد المخاط واذابته قبل ان يتحول لبؤرة ميكروبية وبكتيرية اما السعال الجاف ويكون سببه في الغالب الحساسية او التهابات في الحلق او تقلص في الشعب و القصبة الهوائية والمطلوب في السعال الجاف تهدئته cough sedative وفي بعض الحالات قد يستلزم وصف ادوية موسعه للشعب وأدوية أخرى يحددها الطبيب
ويحتار البعض أي الأدوية العشبية تصلح للسعال الجاف لتهدئتها او للسعال المصحوب ببلغم لإذابة البلغم وطرده ويظل الطبيب هو الوحيد القادر على تحديد نوع السعال وبالتبعية العلاج المناسب له لأن أحيانا وصف المريض لا يكفي لتحديد نوع السعال فممكن ان يكون مصحوبا بمخاط لزج لم يشعر به المريض ويظن انه سعال جاف وهنا قد يكون وصف ادوية السعال الجاف خطر عليه وتثبيط السعال يزيد الأمر تفاقما فلابد من التشخيص الصحيح من قبل المتخصصين قبل اختيار الدواء
في البداية لابد ان نعي ان الخلاصات العشبية سواء كانت في صورة مشروبات دافئة منزلية او أدوية سعال عشبية تحتوي على العديد من المواد الفعالة في الخلاصة الواحدة ولا تحتوي على مادة فعالة واحده كما هو الحال في الأدوية الكيميائية التي تحتوي على مادة فعالة محددة ولذلك المتوقع من الأدوية العشبية لاحتوائها على خليط معقد من المواد الفعالة ان تكون تأثيراتها طبية وفارماكولوجية متعددة ومعقدة ايضا multiple effects وليس تأثير واحد وسنحاول هنا رغم هذه التأثيرات المعقدة و المتداخلة محاولة تقسيم الأدوية العشبية المعروفة في الصيدليات والمنازل لعلاج السعال بناءاً على التأثيرات الأقوى والغالبة في كل نبات مما ينعكس على كفاءة العلاج
أعشاب قاتلة للميكروبات ومضادة للالتهابات ومضادة لتقلصات الشعب الهوائية (وهي تصلح في السعال الجاف) dry cough:
يأتي في مقدمتها ورق الجوافة ولبان داكار والزنجبيل والكركم والقرفة والقرنفل والبابونج والنعناع والجنكو وعسل النحل ورغم احتواء بعضهم على القليل من المواد ذات التأثير المذيب للبلغم والمخاط، ولكن يظل تأثيراتهم القوية كمضاد للالتهاب وترطيب الحلق ومضاد للميكروبات ومضاد لتقلصات الشعب الهوائية هو الغالب وهذه التأثيرات القوية يكون لها الغلبة في علاج السعال الجاف الذي يكون سببه في الغالب تهيج الأغشية المخاطية وتقلص الشعب الهوائية كمان ان هناك بعض النباتات الغير معروفة بها مواد مرطبة موضعية للحلق لاحتوائها على mucilage تصلح فقط لو كان سبب السعال التهابات الفم او الحلق البسيطة مثل جذورالمارشيملو وبذور قاطونة ولكن لابد من استخدامهم تحت اشراف طبي بحرص وتناول كميات من الماء كبيرة معهم
أعشاب مذيبة وطاردة للمخاط ومضادة للميكروبات (وهي تصلح للسعال المصحوب بمخاط( wet cough:
يأتي في مقدمتها ورق الكافور واللبلاب Ivy leaves والينسون والشمر ومعظمها يحتوي على مواد فعالة وزيوت طيارة طاردة للبلغم ومذيبة للمخاط كما يوجد بعض النباتات الطبية الأخرى الغير موجودة بالمنزل لكن موجود في بعض الأدوية لاحتواءها على مواد فعالة شديدة الخطورة في جرعات كبيرة وتصلح فقط في الأدوية ولا تصلح للاستخدام المنزلي مثل جذور السنجا senega وجذور عرق الذهب Ipecacuanha وهذه الأدوية معظمها يحتوي على مواد صابونينية تذيب البلغم وتقلل كثافته وتزيد من السعال نوعا ما للمساعدة على طرده لذلك لا تصلح في السعال الجاف الا في حالات معينة يحددها تشخيص الطبيب
أعشاب تجمع بين مواد تهدئ الكحة ومضادة للميكروبات ومواد أخرى تذيب وتطرد البلغم:
وكما تحدثنا من قبل أن الخلاصة العشبية للنبات الواحد يكون بها العديد من المواد الفعالة ولذلك لها تأثيرات عديدة متداخلة فمثلا خلاصة جذور العرقسوس قد يكون بها حوالي 14 مركبا فعالا بين مواد فلافونويديه مضادة للالتهابات وتقلص الشعب ومهدئة للسعال وأخرى صابونينيه مذيبة وطارده للمخاط والبلغم وكذلك الزعتر به مواد مضادة للأكسدة وللالتهابات وبه زيوت طيارة مضادة للميكروبات وطاردة للبلغم في نفس الوقت كما ان زهور التيليو تحتوي على مواد فعالة قوية طاردة للبلغم ومواد أخرى مضادة للالتهابات
ويوجد نبات واحد موسع للشعب: وهو نبات الايفدرا لكن محظور استخدامه منزليا لخطورته لان به مواد ترفع الضغط وتزيد ضربات القلب كمان ان اهم مادة فعالة فيه وهي الإيفدرين موجودة في معظم ادوية البرد، ولكن حتى استخدامه في الأدوية به تحذيرات معينة وممنوع استخدامه لشرائح كبيرة من الناس ولابد ان يكون تحت اشراف طبي كامل
ويظل شرب الماء والمشروبات الدافئة و ترطيب الحلق والأنف بغسول ماء الملح وسيلة الدفاع الأولى كما ان استنشاق البخار من بعض الأعشاب العطرية الدافئة مثل النعناع والكافور والقرنفل يعتبر من وسائل الدفاع الأولى وعلينا المواظبة على ترطيب الأنف والحلق شريطة ان لا يكون هناك حساسية من هذه الروائح كما ان بعض المرضى يعانون من حساسية و تهيج لجهازهم التنفسي مع بعض المشروبات العشبية ورائحتها ولابد من تسجيل هذا وإبلاغ الطبيب به قبل وصف أي دواء عشبي ونصيحة عدم الاكثار من السكريات في تحلية المشروبات العشبية ويمكن تحليتها بملعقة عسل نحل واحدة اذا لزم الامر وقانا الله ووقاكم شرهذه الفترة الصعبة ويظل تمسكنا بالعلم والعلاج والتشخيص الصحيح بالدليل العلمي وتحت اشراف طبي هو الطريق الوحيد الناجح للعلاج