من تاريخ مهنة الصيدلة في الاردن: قضية التفرغ وفتح الدور لترخيص الصيدليات !!!

من تاريخ مهنة الصيدلة في الاردن: قضية التفرغ وفتح الدور لترخيص الصيدليات !!!

في عام 1992م، فوجئ الصيادلة بصدور تعليمات من وزير الصحة في ذلك الوقت د. عارف البطانية بتاريخ 22/7/1992م، تتعلق بإلغاء الدور في إعطاء تراخيص لفتح الصيدليات وضرورة تفرغ صاحب المؤسسة الصيدلانية لإدارة مؤسسته، فقد كانت التراخيص تعطى ضمن أسس وقواعد متفق عليها بين الوزارة والنقابة بما يضمن عدم الفتح العشوائي للصيدليات.

وتداعى مجلس النقابة في ذلك الوقت بقيادة د. حسام الدين مسمار لتدارك الموضوع، وقاموا بتقديم مذكرة للوزير لتأجيل القرار لحين البت في موضوع تعديلات القوانين، ولكن الوزير أصر على موقفه، وقامت النقابة في ذلك الوقت بإقامة دعوى لدى محكمة العدل العليا للطعن في القرار، ولكن قرارها جاء مسانداً لتعليمات الوزير، ومع هذا فقد استمر المجلس بتحركاته الهادفة إلى تأجيل تنفيذ التعليمات لحين تعديلها بما يخفف من الأضرار التي ستنجم عنها عند تنفيذها على الصيادلة.

وقام الوزير بإصدار تعليماته بتطبيق القرار اعتباراً من تاريخ 31/12/1993م، وقام بتاريخ 9/12/1993م، بإلغاء الدور لترخيص فتح الصيدليات العامة ومستودعات الأدوية بدون ضوابط وبمجرد تقديم طلب لفتح المؤسسة وبضرورة تفرغ الصيدلي لإدارة مؤسسته الصيدلانية، متجاهلاً بالكامل دور النقابة في هذا الموضوع.

وقام د. مسمار بصفته نقيباً للصيادلة على إثر هذا القرار، بتوجيه الرسالة التالية إلى الوزير:

لقد فوجئ الصيادلة عموماً ومجلس النقابة بتصريح معاليكم حول القرار المتخذ منكم بإلغاء الدور، وقد احتشد عدد كبير من الصيادلة وبناء على دعوة من مجلس النقابة مع أعضاء المجلس يوم الجمعة الموافق 10/12/1993م، وكان الجميع مستاءين جداً من هذا الإجراء الذي انفردتم معاليكم باتخاذه ولم نعلم به إلا عن طريق الصحافة في وقت نفخر بان هذا البلد يسير أموره بالتشاور والديمقراطية.

إن هذا الإجراء يكرَس ما تقوم به وزارة الصحة من تجاوز لمجلس النقابة المنتخب الممثل والمدافع عن مصالح المهنة والصيادلة وذلك بإصدار قرارات وتعليمات تخصهم وتؤثر على مستقبلهم المهني دون التشاور مع نقابتهم.

إن مجلس النقابة إذ يعرب لكم عن شديد أسفه بتجاوزكم المتكرر لدوره يود أن يؤكد رفض المجتمعين لهذا القرار وهذا النهج، وستقوم النقابة باتخاذ الإجراءات المناسبة للدفاع والحفاظ على حقوق وكرامة المهنة حسب القوانين والأنظمة والأعراف المتبعة في هذه الأمور.

واقبلوا تحياتي….

انتهى بيان النقيب.

وتصاعدت الأمور بين مجلس النقابة وبين وزارة الصحة، إذ دعا مجلس النقابة إلى اجتماع للهيئة العامة بتاريخ 25/12/1993م، حضره ما يقارب 400 صيدلي في ذلك الوقت من كافة أنحاء المملكة، تم خلاله مناقشة ما تم التوصل إليه من اتصالات مع الجهات المعنية الرسمية للمهلة التي أصدرها وزير الصحة وبعدم التمديد لإتاحة الفرصة للتعديلات القانونية بان تأخذ مجراها.

وفي نهاية الاجتماع، توصل المجتمعون إلى إصدار البيان التالي الذي نشر في بعض الصحف اليومية كإعلان مدفوع الأجر، حيث جاء في بعض فقراته:

“بيان من نقابة الصيادلة الأردنيين

نتوجه إلى كل مسؤول غيور على مصلحة هذا البلد وأمنه، أيا كان موقعه وللمواطنين الذين نخدمهم ليل نهار بالوقوف معنا بأزمتنا الراهنة مع وزارة الصحة التي ستنفذ قرارها غير العادل في بداية هذا العام بإغلاق المؤسسات الصيدلانية التي يزيد عددها عن ثلاثمائة مؤسسة بحجة عدم تفرغ مالكها لإدارتها، مع انه يوجد في كل مؤسسة صيدلانية صيدلي مسئول متفرغ معين من قبل الصيدلي مالك الصيدلي المالك وبموافقة وزارة الصحة منذ العام 1972م، وأن تطبيق قرار الإغلاق هذا لن يعود على البلد بأي فائدة على الإطلاق علماً بأن هذا الإجراء غير مطبق في جميع أنحاء العالم.

وشرع البيان بعد ذلك بتوضيح الأضرار التي ستنشأ عن تطبيق هذه التعليمات على كافة الصيادلة، سواء الصيادلة العاملين في الخارج، أو الصيادلة العاملين في الجامعات وكليات المجتمع أو الصيادلة العاملين في الصناعة الدوائية، أو بعض الصيدلانيات التي لا تسمح لهم ظروفهم الأسرية بالتفرغ لإدارة صيدلياتهم، أو الصيادلة الموظفين في وزارة الصحة، أو الصيادلة العاملين في المستشفيات والبلديات ومجالس الأمة، أو الصيادلة المحالين على التقاعد بسبب السن أو العجز…

واختتم البيان بنداء وجهه نقيب الصيادلة باسمهم جميعاً لإعادة النظر في تطبيق هذا القرار امتثالاً لقول رسول الله “ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فإن الله سائلكم يوم القيامة عما استرعاكم عليه”، فأموال وجهد وحق هؤلاء الصيادلة أمانة في أعناقكم وامتثالاً لقائد هذه المسيرة الرائدة فلنبن البلد ولنخدم الأمة.

انتهت بعض فقرات البيان.

ولم تفلح جهود النقابة في ثني الوزارة عن تأجيل تنفيذ القرار، مما دفع مجلس النقابة بالتهديد بالاستقالة وبتسليم مفاتيح النقابة لوزير الصحة في يوم إغلاق أول صيدلية تنفيذاً للتعليمات. بالإضافة إلى التهديد بإغلاق كافة المؤسسات الصيدلانية المتضررة ومن يؤازرهم من الصيادلة في نفس اليوم الذي سوف تغلق فيه أول صيدلية تنفيذاً للتعليمات.

ومن حسن الطالع للصيادلة في ذلك الوقت أن تغييراً حكوميا حدث في تلك الفترة، تغير معه الوزير بوزير جديد هو د. عبد الرحيم ملحس، الذي تفاهم مع النقابة في ذلك الوقت على إجراء تعديلات تناسب الصيادلة والوزارة على حد سواء, وهو ما تم بالفعل في نهاية الأمر.

Tags

Share this post:

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore
%d مدونون معجبون بهذه: