مرتبط
د. غادة صلاح تكتب: عن الذكاء الاصطناعي في الصيدليات… الصيدلي ليس له بديل!!

كنت جالسة في تلك القاعة الكبيرة في فندق رويال ، أتابع محاضرة تلو المحاضرة ضمن فعاليات مؤتمر عمان الدولي للتسويق الصيدلاني .. والمحاضرين متحمسين ويتحدثون عن غزو الذكاء الاصطناعي AI في مجالات الصيدلة المختلفة.. وبما أنني امتلك صيدليتي الخاصة ، فكنت أركز على هذا الجانب من المحاضرات…
مرت أمامي ال٣٢ سنة التي أمضيتها حتى الان في الصيدلية كفيلم سينمائي أمام ناظري .. كيف بدأنا بصندوق الكاش فقط ونسجل المبيعات على دفتر كبير .. وبعد ذلك دخل علينا الكمبيوتر ذا الحجم الضخم .. وهو موصول مع الكاش.. مما سهل علينا عملية التسجيل اليدوية.. بعد ذلك اصبحت الشاشة رقيقة تأخذ حيزا صغيرا .. كانت التأمينات كلها ورقية ونأخذ الموافقات بالاتصال هاتفيا بالشبكة الطبية .. والان اتجهت معظم التأمينات الى الوصفات على النت.. أصبح الشبك مع النت ضرورة حتمية .. المريض يأتي ومعه رقم مرجعي نجد وصفته على النت ويتم طباعتها بالصيدلية .. الطابعة باتت من أهم موجودات الصيدلية .. أما الهاتف الارضي.. فقد أصبح ديكور بعد ان كان لا يتوقف عن الرنين .. ودخلت الكاميرات وآلة الفيزا .. وتابلت للتأمين .وووو .. أصبحنا نعتمد على الهاتف الخلوي كثيرا .. بعد ان كان نوكيا صغير مبسوطين عليه .. أصبح الهاتف الذكي ضرورة .. لا يمكن الاستغناء عنه..
زمان كنا نطلب الطلبيات عالهاتف .. ونحوص ونلوص لو المستودع لم يرد لنعرف اذا كان الدواء المطلوب متوفر أم لا.. أما الان ، فإذا لم نتمكن من الاتصال مع مندوب الصنف ، فإن هناك تطبيقات apps على الهاتف نعرف منها كل ما نريد عن أي صنف في ثواني.. متوفر أم لا.. وما هو تاريخ الانتهاء.. أصبح بالإمكان طلب الطلبية من هذه التطبيقات حتى لو كانت الساعة ١٢ ليلا !!!
كان كثير من المرضى لا يحفظوا اسماء أدويتهم .. وكانوا يعتمدون علينا في الصيدلية لتسجيل ماذا يأخذون في حال ارسلوا أي فرد من عائلتهم لأخذ الدواء.. أما الان فكل المعلومات على الكمبيوتر.. لكل دواء على حدة ..
تحدثوا كثيرا في محاضراتهم عن كيف للذكاء الاصطناعي ان يساعدنا في تطوير عملنا أكثر وأكثر.. كيف يمكن ان نعرف بسهولة عن الاصناف التي يتم بيعها والاصناف التي ليس عليها طلب .. تقارير كثيرة ممكن أن يزودنا بها هذا المسمى بالذكاء الاصطناعي..
حلوة التكنولوجيا أكيد ومفيدة .. ولكنها لن تغنينا عن ذلك الصيدلي الذي يقف وراء الكاونتر ليتواصل مع المريض بما نسميه patient counseling ناخذ ونعطي ونفهم ما هو بحاجة له فعلا.. لن تستطيع أي آلة أن تتواصل مع أم أيمن التي تحدثنا عن ابنتها المقعدة.. أو أبو عبد الله وهو يحدثنا عن فرحه بولادة طفله بعد سنوات من محاولات التلقيح الإصطناعي.. أو عن تهاني وهي تخبرنا عن تحسن حالة والدتها بعد إصابتها بالتهاب رئوي حاد.. أو عن محمد والدمعة بعينه وهو يسألنا عن طبيب أعصاب لعلاج والده الذي يعاني من الزاهيمر..أو عن ..أو عن.. الكثير الكثير من تلك المتعة من التواصل الإنساني المباشر مع المرضى .. تلك الآلات وذلك العلم ضرورة وسيتم الاستفادة منهم ان شاء الله في المستقبل أكثر وأكثر .. شئنا أم أبينا .. فعلينا مواكبة تطور العصر.. ولكن مهما تسارعت عجلة العلم .. فلا شيء يغني عن الصيدلي الانسان الذي يقف وراء الكاونتر ..























