ما هي العلاقة بين الشخصية النرجسية والسادية؟

ما هي العلاقة بين الشخصية النرجسية والسادية؟

Man looking at reflection in mirror

النرجسية هي مصطلح واسع يستخدم للإشارة إلى مجموعة من سمات الشخصية المشتركة وأيضاً إلى اضطراب سريري معروف باسم اضطراب الشخصية النرجسية، وهو أسلوب حاد ومتغلغل في الشخصية، يحدد النهج الذي يتبعه الفرد مع الآخرين والعالم من حوله.

من الصعب على الأشخاص غير النرجسيين فهم الشخصية النرجسية، وذلك لأن تصرفات النرجسي الخارجية تبدو مختلفة تماماً عما يدور في داخله، كما أن تحليل الشخصية النرجسية يصبح أكثر تعقيداً نظراً للاختلافات العديدة بين الأفراد النرجسيين، فتبعاً لـ(ثيودور ميلون) فإن هناك أربعة أنواع مختلفة من النرجسيين، وعلى الرغم من أن هذا ليس مقبولاً على نطاق واسع في نطاق أدبيات علم النفس، إلّا أنه ولكي نكون منصفين، فليس هناك علامات متفق عليها على نطاق واسع تدلل سريرياً بشكل واضح على إصابة الشخص بالاضطراب النرجسي (مثل، قلة التعاطف مع الآخرين، والظهور بمظهر الشخص المتفوق دائماً).

السبب في قلة الأبحاث التي تم إجراؤها حول النرجسية يعود إلى وجود بعض التحديات في دراستها، فمثلاً، كم عدد النرجسيين الذين يمكن أن يشاركوا طوعاً في دراسة نفسية عن النرجسية؟ وحتى وإن وجدوا، فكم عدد الذين سيخبرون الباحثين بصدق عن شعورهم حول أنفسهم عندما يكون الدافع الأساسي لهم هو أن يظهروا بصورة الشخص القوي والمتفوق؟

هناك ناحية واحدة من هذا الاضطراب يأمل الكثير منا لو كانت أسهل للدراسة، وهي العلاقة بين النرجسية والسادية، فكون الشخص سادياً، يعني أنه يستلذ بمعاقبة، أو إيذاء، أو الإساءة إلى الآخرين، وهناك العديد من الأشخاص الساديين الذين قد تنطبق عليهم معايير النرجسية، ولكن على الرغم من وجود العديد من التداخلات بين الشخصية النرجسية والسلوك السادي، فنحن لا نستطيع القول بأن كل النرجسيين يستلذون بإيذاء أو إزعاج الآخرين.

إذا توسعنا فيما يتجاوز ذلك، يجب أن نناقش مصطلح “اللذة”، وهو أمر يختلف عن المتعة أو الحصول على السعادة الفعلية، فاللذة التي يسعى إليها النرجسيون تدعى بـ”الإشباع النرجسي”، وهو يشير إلى السعي للحصول على الاهتمام والإعجاب من الآخرين، مما يجعل النرجسي يشعر بأنه شخص مهم ومميز، وفي بعض الجوانب، لا يختلف النرجسيون كثيراً عن الأطفال الصغار الذين لم يتم تلبية احتياجاتهم العاطفية والذين يسعون بكل طاقتهم لنيل التقدير من الآخرين، كما أن الذين يجدون أنفسهم في علاقات وثيقة مع النرجسيين قد يلاحظون التناقضات التي توجد في شخصيتهم، فالطريقة التي يظهر بها النرجسيون يومياً في الظاهر تتعارض مباشرة مع الكيفية التي يشعرون بها حقاً في الداخل، وهذه هي المفارقة النرجسية، فكيف يمكن للنرجسيين أن يحملوا شعوراً سيئاً للغاية عن أنفسهم ومع ذلك يتصرفون كالملوك والملكات؟

يعتبر هذا التشوه – التصرف بترفع والشعور المتدني – عنصراً مركزياً في اختلال الشخصية النرجسية، فالنرجسيون يمتلكون شخصيتين مختلفة: الأولى حقيقية، والثانية هي تلك التي يتمنون أن يكونوا عليها، أما ذات النرجسي الحقيقية فهي أشبه بطفل جريح، توقف تطوره العاطفي بسبب سوء المعاملة العاطفية أو الإهمال من قبل مقدمي الرعاية في سن مبكرة.

ولكن لماذا يكون بعض النرجسيين ساديين دون بعضهم الآخر؟ تبين من خلال التجارب السريرية، بأن الإهمال والإساءة العاطفية التي تعرض لها النرجسيون الساديون في طفولتهم كانت أكثر خطورة من النرجسيين الآخرين، فالعديد من النرجسيين الذين يصعب التعامل معهم يمتلكون شعوراً متكلفاً عن أنفسهم، ولا يتحملون نتائج أفعالهم، ولكن لا يكونون بحاجة لمعاقبة الآخرين، إلّا أن النرجسيين الساديين يمتلكون احتراماً ذاتياً متدنياً بالمقارنة مع النرجسيين غير الساديين، على الرغم من أن كلا النوعين لا يمتلكان تقديراً عالياً للنفس، والنقطة الأهم في هذا السياق هي أن الرغبة في المعاقبة أو مضايقة الآخرين على أساس منتظم تنبع من أن الفرد السادي عادة ما يكون هو ذاته متلقياً لسلوك ملتو أو مربك من أحد الوالدين في وقت مبكر من حياته.

نأمل أن يستطيع القراء تجنب العلاقات مع النرجسيين، وخاصة أولئك الذين يمتلكون ميولاً سادية، فالأشخاص الذين كانوا على مقربة من النرجسيين يعرفون مدى الارباك والإحباط الذي يمكن أن يصيب أي أحد نتيجة هذه التجربة، أما الأشخاص المتورطين في الأصل بعلاقة مع شخص سادي نرجسي، سواءً أكانت هذا العلاقة تندرج تحت بند العمل أو في الحياة الاجتماعية، فيجب عليهم الاستمرار في تثقيف أنفسهم حول النرجسية والسادية لحماية أنفسهم بشكل أفضل.

 

Tags

Share this post:

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore
%d مدونون معجبون بهذه: