د. حنين عبيدات تكتب: في أيلول الصيادلة يحتفلون

د. حنين عبيدات تكتب: في أيلول الصيادلة يحتفلون

الصيدلة علم نشأ في العصور القديمة و كان الإنسان البدائي أول من استخدم النباتات في الاستطبابات عندما كان يراقب الحيوان بتناوله للأعشاب و النباتات فإنه يهدأ و يستطبب، فبقي الإنسان البدائي يبحث في هذه النباتات من أجل صحة الإنسان و الحيوان حتى تطور هذا العلم عصرا بعد عصر باكتشافات و اختراعات جديدة و بأدوات مختلفة و بتطور مختلف جديد في تركيب الدواء بالمواد العضوية أو غير العضوية (الكيميائية) و إنتاجه و توزيعه و بيعه حتى أصبح الدواء حاجة ضرورية للمريض لا يستطيع الإستغناء عنها.
و في العصور الإسلامية تطور علم الدواء و النباتات و ساهم العلماء المسلمين في تطوير هذا العلم فكان من أهم الباحثين و الذي جاب البلدان و صاحب كتاب المحاورة في الطب (الحرث بن كلدة) و الذي عاصر الخلفاء الراشدين.
و كان ابن البيطار مؤسس علم الصيدلة الحديث القائم على استخلاص الدواء من النبات المناسب الذي يعالج جسد الإنسان كوحدة واحدة لا علاج الداء فقط، و يعتبر من أعظم العلماء الذين ظهروا في العصر الذهبي للإسلام، وعالم عصره في عُلوم النبات والعَقَاقِير، والصيدلاني الأول في تراكيب الدَّواء ورائد العلاج الكيميائي.
. وصف ابن البيطار (أبو الصيادلة) في موسوعته (الجامع لمفردات الأدوية و الأغذية) أكثر من 1400 نوع من أنواع النباتات العلاجية وطرق استخدامها والأمراض التي تعالجها، كما وصف 200 نوع لم يتعرف اليها أحد من قبله، و قد تأثر في موسوعته بعدد من العلماء العرب و المسلمين منهم :
الزهراوي وابن جزلة وأبو بكر الرازي وابن سمحون وثابت بن قرة وماسرجويه وابن العوام، الذين كتبوا تراثًا دوائيا كبيرا مازال يدرس في كل المدارس و الجامعات العلمية و مراكز البحوث الصيدلانية.
و حديثا بدأ التركيز عل علم الصيدلة لأهميته في القرن الثامن عشر في العراق و أنشأ الحسن بن الهيثم أول صيدلية في التاريخ في بغداد عام 754 م، و من ثم انتشر علم الصيدلة من العراق إلى أوروبا و أمريكا، حتى صممت هذه الدول دساتيرا للأدوية خاصة، و دستور الدواء يعني : كتاب يحتوي على أسماء الأدوية المسموح استخدمها و صفاتها وخصائصها. و قد ألف العلماء العرب و المسلمون و الغربيون عددا كبيرا من الكتب التي اختصت في نشأة علم الصيدلة و تاريخه، و إنجازات العرب التاريخية في علم الصيدلة.
علم الصيدلة علم كبير قام على الطبيعة و الكائنات الحية حتى أصبح لا أحد يستطيع الإستغناء عنه و لتكريم هذا العلم و القائمين عليه (الصيادلة)، يحتفل الصيادلة في الخامس و العشرين من أيلول من كل عام بيوم الصيادلة العالمي، لأهمية الصيدلاني في المنظومة الصحية المتكاملة و الدور الحيوي الذي يمارسه فيها و للتغيير الإيجابي الذي يحدثه لدى المرضى و لتعزيز معرفة المجتمع بدوره الرئيسي في صحة الفرد و المجتمع، فالصيدلاني خط الدفاع الأخير عن المريض نفسيا و جسديا و هو خبير دوائه، و مقدم الرعاية الصحية له و مستشاره الدوائي و الصحي . فالصيدلاني مساهم في تحسين جودة صحة الأفراد و ينعكس ذلك على مجتمعات كاملة، بالإضافة إلى أنه شريك هام في رفد الإقتصاد الوطني من خلال الصناعات الدوائية، و شريك هام في المحافظة على الحالة الصحية العامة في المجتمعات و هذا عامل هام في تخقيق السلم المجتمعي و استقرار الدول .
و جاء يوم الصيادلة العالمي تقديرا لجهود الصيادلة في كل بقاع الأرض لما يقدموه من حماية صحية مجتمعية تحمي المجتمعات من الانهيار المجتمعي و الصحي، بالإضافة إلى الدور البارز في تحقيق الأمن الدوائي الوطني و الدور الإنساني الهام الذي يحتاجه المريض .

إلى هؤلاء المحترفين في العطاء، و قلوبهم تفيض بمشاعر الإنسانية ساهرين على أمن الإنسان، إلى عصب الصحة و لبنتها الأساسية تاريخيا و حاليا، الى ذلكم الذين يعتبرون جزءا من حكاية إنسان لا تنتهي، و رعاية إنسانية ثابتة نابعة من علم مستفيض و عقل مستنير و قلب ملهوف على مساعدة الأفراد و الجماعات، كل عام و أنتم بخير، كل عام و الصيادلة يعملون بمحبة و خير، كل عام و الصيادلة جزء من أمن الوطن و جنوده، و أقول لكم : شكرا على ما تبذلوه و تقدموه من أجل الفرد و المجتمعات…

كل عام وانتم بخير

د. حنين عبيدات

Tags

Share this post:

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore
%d مدونون معجبون بهذه: